265

Saacadaha u Dhaxeeya Buugaagta

ساعات بين الكتب

Noocyada

هذه إحدى حكم الكتاب، فهل هي قليلة الغناء في حياة الفرد أو في حياة بني الإنسان كافة؟ إننا لعلى يقين من تقصير الناس في هذه الوجهة، وأنهم لا ينفقون من وقتهم ولا من علمهم وعملهم في تهذيب الطعام عشر ما يجب عليهم جميعا أن ينفقوه، ومن استخف بهذا الأمر وظن به السهولة والاستغناء عن الدرس والتجربة الطويلة، فليعلم أن تسعمائة وتسعة وتسعين في الألف من علماء الناس وجهلائهم يعيشون ويموتون وهم لا يعلمون ماذا يأكلون وكيف ومتى يأكلون، وأنه إذا استطاع إنسان باحث في هذا الموضوع أن يعرف في مدة عشرين سنة ماذا يأكل وكم يأكل وكيف يأكل وفي أي وقت يكون ذلك؟ فأحسبه من أسعد السعداء المدعو لهم بالتوفيق.

ومن حكم الفيلسوف فورد قوله: «لجمع المال وسيلتان: إحداهما على حساب الآخرين، والثانية بخدمة الآخرين، والأولى لا توجد المال ولا تخلق شيئا، وإنما هي تجلب المال ولا تفلح في كل حين، ثم لا يكون الرابح فيها إلا من الخاسرين، وأما الثانية فجزاؤها مضاعف والغنم فيها للآخذ والمعطي على السواء، وهي لا تأخذ شيئا إلا إذا خلفت شيئا ثم هي لا تأخذ مع هذا إلا بمقدار، إذ ما من أحد له الحق في كل شيء.»

وقد تسمع نغمة الاشتراكية من كلام هذا المليونير الكبير، إذ يقول: «ليس الذي يثير الحرب وطنية الوطنيين ولا استهانة بني الإنسان بالموت في الذود عمن يحبون، إنما يثيرها ذلك الوهم الذي وهمه القليلون وفهموا منه أن الحرب كلمة مرادفة للغنيمة. هذا هو الذي يثير الحرب ولا يتاح له من دعاة السلم العدد الكفيل بإظهاره وتصويب الحملة إليه، وحسبك أن ترى دعاة السلم سالمين وادعين؛ لتعلم أنهم لا يصوبون الحملة إلى الصميم؛ إذ لو كانوا ينطقون بالحقيقة لما دللوهم كما يدللونهم الآن ولا كان نصيبهم إلا نصيب شهداء الحق في كل زمان.»

وقس على ذلك سائر ما في هذا الكتاب الصغير مما يستكثر، والحق يقال على أدباء أمريكا «الرسميين» في هذه الأيام، إلا أن صاحبنا فورد - وهو من رجال العمل - يخطئ معظم الناس في فهم طبيعة النظريات ويحسب أن هناك نظريات تقال ولا يعمل بها في حال من الأحوال، ومن قوله في هذا: «لا يعلم أحد ماذا كنا بالغيه من سوء المنقلب لو أننا اتبعنا كل نظرية وكل داع من الدعاة يمنينا بالعصر السعيد.»

فهل هناك في الواقع نظرية واحدة ظهرت في هذه الدنيا ولم تتبع حقها من الاتباع؟ وهل هناك في الواقع نظرية واحدة ظهرت أو ستظهر بعد حين يحق لها أن يتبعها جميع الناس في جميع الأحوال؟ إن النظريات لا توجد لتتبع كلها، ويتبعها الناس كلهم وإلا ما كان اسمها النظريات، وهي كذلك لا توجد لتهمل كلها ويهملها الناس كلهم وإلا لما كان لها قط وجود، وإنما النظريات في الذهن كالطرائق والمسالك في المكان، فنحن لا نأخذ بنظرية واحدة ولا نسلك في شارع واحد، وإذا رسمنا الدنيا العقلية أو الدنيا المكانية فنحن لا نرسم تلك بأقرب النظريات وحدها ولا نرسم هذه بأقرب المسالك وحدها، ولكننا نرسم كل ما نراه قريبه وبعيده وسهله ووعره عسى أن نسلك فيه بعض الأيام، وإن كنا لا نلتفت إليه في أكثر الأيام، وما لي أسلك الطريق القريب وعندي فراغ من الوقت وبي حاجة إلى الطواف مثلا والتنزه في الخلاء؟ إن القريب في هذه الحالة لن يكون من طلبتي ولا سبب لذلك إلا أنه قريب!

فالنظريات لا تؤخذ جملة ولا ترفض جملة، ولا معنى لقسمتنا إياها إلى متبع في كل حال ومهجور في كل حال، فليس في طرقات الفكر، ولا في طرقات المكان ما يقسم هذا التقسيم، وهذه وتلك موجودة أبدا لا قديم في أصولها ولا حديث، ولكنها تسلك أو تترك على حسب الأوقات والغايات.

المطبعة والثقافة الشعبية

قد توجد الثقافة ولا مطبعة وقد توجد المطبعة ولا ثقافة.

هذا بعض الحقيقة، أما الحقيقة كلها فهي أن المطبعة قد تمنع الثقافة، فتكون في منعها أشد قسوة وأصعب مراسا وأطول أمدا من الغشمة الأغبياء الذين يظهرون في عصور الجهالة والركود وهم كارهون للعلم نافرون من الأدب، فيصدون الناس عنهما ويقيمون من جدران السجون سدودا بين الشعوب وضروب الثقافة.

فالغاشم المستبد يقول للناس لا تتعلموا فلا يتعلمون إلى حين، وربما أغراهم المنع بطلب العلم ومعالجة الخلاف أنفة من الطاعة العمياء.

Bog aan la aqoon