كانت قد أدارت ظهرها لي، لكنها كانت تدهن نفسها بالفرشاة.
قالت: «أنا مشغولة.»
حين أدارت وجهها لي كان ملطخا كله بالطلاء الأحمر.
قالت: «الآن أنا أشبهك»؛ إذ دهنت وجهها بالفرشاة حتى رقبتها. «الآن أنا أشبهك.» كانت متحمسة، واعتقدت أنها تسخر مني، لكن صوتها كان متخما بالرضا، كما لو أن هذا ما كانت تهدف إليه كل حياتها.
الآن لا بد أن أحاول شرح ما حدث في الدقائق التالية.
أولا، كان رأيي أنها تبدو بشعة.
لم أكن أعتقد أن أي جزء من وجهي أحمر، وفي الحقيقة لم يكن؛ فالنصف الذي كان ملونا كان بلون وحمة التوت المعتاد، التي كما قلت بهتت إلى حد ما مع تقدمي في العمر.
لكن ليس هذا ما كنت أراه في عقلي. كنت أعتقد أن وحمتي ذات لون بني ناعم، مثل فروة فأر. لم ترتكب أمي أي شيء أحمق أو درامي من قبيل منع المرايا من المنزل، لكن المرايا يمكن أن تعلق على مستوى أعلى من طول طفل صغير، فلا يمكنه أن يرى نفسه فيها. كان هذا هو الحال مع مرآة الحمام على وجه التحديد. كانت المرآة الوحيدة التي كنت أرى فيها انعكاس صورتي بسهولة معلقة في البهو الأمامي، والتي كانت معتمة أثناء النهار ومضاءة بإضاءة خافتة في الليل. لا بد أن تصوري عن أن نصف وجهي كان ذا لون خفيف باهت - أشبه بظل بلون الفراء - قد جاء من انعكاس صورتي في هذه المرآة؟
كان هذا هو التصور الذي اعتدته، وهذا ما جعل طلاء نانسي لوجهها إهانة كبيرة، ومزحة خبيثة. دفعتها إلى الخزانة بكل ما تمكنت من قسوة وهربت منها، إلى الأعلى. أعتقد أني كنت أجري لأجد مرآة، أو حتى أجد شخصا يمكن أن يخبرني أنها كانت مخطئة. وما إن يثبت هذا، حتى أستطيع أن أغرز أسناني فيها بكراهية خالصة. أعاقبها. لم يكن لدي الوقت حينها لأعرف كيف.
ركضت عبر الكوخ - لم تكن أم نانسي في أي مكان بحثت فيه، رغم أنه كان يوم السبت - وصفقت الباب الخارجي. ركضت على الممشى المعبد بالحصى، ثم على الممر المبلط بين صفي نبات سيف الغراب المزدهر. رأيت أمي تنهض عن كرسيها الخوص حيث اعتادت الجلوس لتقرأ، في شرفتنا الخلفية. «لست أحمر الوجه»؛ صحت وأنا أزدرد دموع الغضب. «لست أحمر الوجه.» هبطت أمي درجات السلم بوجه مصدوم لم يفهم بعد، ثم اندفعت نانسي من الكوخ خلفي مندهشة تماما، بوجهها المزخرف.
Bog aan la aqoon