فقال له الملك: «تنبأ أيها النبي، وقل لنا كيف سيكون مستقبل ابني الذي ولد الآن للمملكة.»
فأجابه النبي على الفور قائلا: «أصغ أيها الملك فأنبئك الصدق عن مستقبل ابنك الذي ولد لك اليوم؛ فإن روح عدوك - عدوك اللدود الملك محراب - الذي مات في مساء أمس، لم تلبث على متن الأرياح سوى ليلة واحدة، وقد هبطت إلى الأرض ثانية تطلب جسدا تأوي إليه، فلم تر أفضل من جسد ابنك هذا الذي ولد لك اليوم فتقمصته.»
فاستشاط الملك غيظا، واستل سيفه، وقطع رأس النبي بيده، والزبد يخرج من فمه غضبا.
وها قد مرت الأيام، وتصرمت حبال السنين على تلك الحادثة، وحكماء «عيشانا» يسرون واحدهم للآخر قائلين: «أما قيل لنا في القدم، وأثبتت الأيام ذلك القول، إن «عيشانا» يحكمها عدوها؟»
المعرفة ونصف المعرفة
جلس أربع ضفادع على قرمة حطب عائمة على حافة نهر كبير، فجاءت موجة هوجاء واختطفت القرمة إلى وسط النهر؛ فحملتها المياه، وسارت بها ببطء مع مجرى النهر؛ فرقصت الضفادع فرحا بهذه السياحة اللطيفة فوق المياه؛ لأنه لم يسبق لهن أن أبحرن بعيدا من ذي قبل.
وبعد هنيهة صرخت الضفدعة الأولى قائلة: يا لها من قرمة عجيبة غريبة! تأملن أيتها الرفيقات كيف تسير مثل سائر الأحياء، والله إنني لم أسمع قط بمثلها.»
فأجابتها الضفدعة الثانية وقالت: «إن هذه القرمة لا تمشي ولا تتحرك أيتها الصديقة، وهي ليست عجيبة غريبة كما توهمت، ولكن مياه النهر المنحدرة بطبيعتها إلى البحر تحمل هذه القرمة معها، وتحملنا نحن أيضا بانحدارها.»
فقالت الضفدعة الثالثة: «لا لعمري، فقد أخطأتما أيتها الرفيقتان في خيالكما الغريب؛ فإن القرمة لا تتحرك والنهر أيضا لا يتحرك، وإنما الحقيقة أن فكرنا هو المتحرك فينا، وهو الذي يقودنا إلى الاعتقاد بحركة الأجسام الجامدة.»
وتناظرت الضفادع الثلاث في ما هو متحرك بالحقيقة، وحمي وطيس الجدال وعلا الصراخ بينهن ولم يتفقن على رأي واحد.
Bog aan la aqoon