أجل يا إيماني الحليم! أجل، فإني مقيد بالسلاسل الحديدية في غيابات هذا السجن المحدود، تفصلني عنك هذه الحواجز المصنوعة من اللحم والعظم، وليس لي أن أطير معك الآن إلى عالم اللاحدود.
بيد أنك من قلبي تنبثق محلقا في الفضاء الواسع، وأنت لا تزال قاطنا في أعماق قلبي الوجيع، وإني بذلك لراض مستسلم قنوع.
الخلافات
حدث عندما كانت ملكة «عيشانا» في فراش مخاضها، والملك وعيون بلاطه يترقبون نجاتها من آلامها الشديدة، وهم جالسون على أحر من الجمر في قاعة الثيران المجنحة
1
أن دخل عليهم فجأة رسول مستعجل، وركع عند قدمي الملك وقال: «أيها الملك المعظم، إنني أحمل لكم بشائر الفرح، وللملكة، ولعبيد الملك أجمعين، وذلك أن محراب «الجائر» عدوك اللدود، ملك «البترون» قد قضى نحبه.»
فلما سمع الملك وكبار رجال دولته هذه البشرى نهضوا منتصبين على أقدامهم، وهللوا فرحين؛ لأنه لو طال أجل محراب الجبار سنة واحدة، لغزا أرض «عيشانا» وقاد سكانها عبيدا إلى بلاده.
وفي تلك اللحظة دخل طبيب البلاد إلى قاعة الثيران المجنحة، ودخلت وراءه قابلة الملكة؛ فانحنى الطبيب احتراما للملك وقال له: «ليعش سيدي الملك إلى الأبد، فها قد رزقك الله طفلا ذكرا، سيخلفك على العرش، ويخلد حكمك على شعوب «عيشانا» عديد السنين!»
فتهلل الملك، وطارت روحه فرحا؛ لأنه في اللحظة الواحدة هلك عدوه وتأصلت الخلافة في نسله.
وكان في مدينة «عيشانا» في ذلك العهد نبي حق، ولكنه كان فتى جريئا باسل الروح، فأمر الملك أن يحضر النبي بين يديه في تلك الليلة، فأحضر في الحال.
Bog aan la aqoon