[وجوب النظر وأهمية معرفة الله]
والطريق إلى معرفته سبحانه والعلم به هو: ما قص الله عن رسوله إبراهيم الخليل صلى الله على نبيئنا وعليه وعلى آلهما وسلم، من قوله تعالى: ?وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين * فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين *فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض?[الأنعام: 75 79].
وذلك هو النظر والتفكر في ملكوت السموات والأرض وما بينهما وما فيهما من الآيات الباهرة، والبينات الظاهرة، والتدبيرات العجيبة، والمخلوقات البديعة، والحيوانات على اختلاف أجناسها وألوانها وصورها، وأصواتها، وتركيب كل حيوان وما فيه من الحواس الظاهرة والباطنة، وإلهامها إلى مصالحها صغيرها وكبيرها، وابتداء خلقها في الأرحام، وانتقالها من طور إلى طور، فتبارك الله أحسن الخالقين.
فمن نظر حق النظر بعقله في هذه المشاهدات وتغييرها وتأليفها، وافتراقها واجتماعها، وما يعتريها من الزيادة والنقصان، والحركة والسكون، واحتياجها إلى الأمكنة والمحال، علم علما يقينا أنها محدثة، من خالق ابتدعها، ومدبر دبرها واخترعها، ومالك فطرها وصنعها، ومن المحال أن يكون محدثها مثلها، أو بعضها، أو طبعها.
Bogga 5