سبيل المهتدين إلى شرح الأربعين النووية
سبيل المهتدين إلى شرح الأربعين النووية
Daabacaha
الدار العالمية للنشر - القاهرة
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢٠ م
Goobta Daabacaadda
جاكرتا
Noocyada
مَنْ دَعَاهُ خَوفًا وَطَمَعًا؛ مِنَ المُحْسِنِينَ.
وَإِنَّ إِحْسَانَ العَمَلِ يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ، فَمِنْهُ قَدْرٌ مُجْزِئٌ يَصِحُّ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ العَمَلُ حَسَنًا، وَمِنْهُ قَدْرٌ مُسْتَحَبٌ يَكُونُ العَبْدُ فِيهِ قَائِمًا فِي عَمَلِهِ عَلَى المَرْتَبَتَينِ السَّابِقَتَينِ (^١).
- قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ ﵀: "فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ العَابِدَ يَتَخَيَّلُ ذَلِكَ فِي عِبَادَتِهِ؛ لَا أَنَّهُ يَرَاهُ حَقِيقَةً -لَا بِبَصَرِهِ وَلَا بِقَلْبِهِ-!
وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ القُلُوبَ تَصِلُّ فِي الدُّنْيَا إِلَى رُؤْيَةِ اللهِ عَيَانًا كَمَا تَرَاهُ الأَبْصَارُ فِي الآخِرَةِ كَمَا يَزْعُمُ ذَلِكَ مَنْ يَزْعُمُهُ مِنَ الصُّوفِيَّةِ!! فَهُوَ زَعْمٌ بَاطِلٌ، فَإِنَّ هَذَا المَقَامَ هُوَ الَّذِي قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ، كَأَبِي ذَرٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيرِهِمَا وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَيضًا أَنَّهُ حَصَلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ مَرَّتَينِ (^٢)، وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ مَرْفُوعَةٌ أَيضًا، وَكَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ: إِنَّهُ يَرَاهُ بِقَلْبِهِ، مِنْهُم الحَسَنُ وَأَبُو العَالِيَةِ وَمُجَاهِدُ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الحَارِثِ بْنِ نَوفَلٍ وَإِبْرَاهِيمُ التَّيمِيُّ وَغَيرُهُم، فَلَو كَانَ هَؤُلَاءِ لَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ رُؤْيَةَ القَلْبِ مُشْتَرِكَةٌ بَينَ الأَنْبِيَاءِ وَغَيرِهِم لَمْ يَكُنْ فِي تَخْصِيصِ النَّبِيِّ ﷺ بِذَلِكَ مَزِيَّةٌ لَهُ، لَاسِيَّمَا وَإِنَّمَا قَالُوا: إِنَّهَا حَصَلَتْ لَهُ مَرَّتَينِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الصُّوفِيَّةَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رُؤْيَةَ القَلْبِ تَصِيرُ حَالًا وَمَقَامًا دَائِمًا أَو غَالِبًا لَهُم! وَمِنْ هُنَا يَنْشَأُ تَفْضِيلُ الأَولِيَاءِ عَلَى الأَنْبِيَاءِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ أَنْوَاعٌ مِنَ الضَّلَالَاتِ
_________
(^١) وَقَدْ أَشَارُ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ ﵀ في كِتَابِهِ (جَامِعُ العُلومِ وَالحِكَمِ) (١/ ١٢٦) إِلَى فَائِدَةٍ لَطِيفَةٍ؛ وَهِيَ أَنَّ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلَهُ فِي الدُّنْيَا فَعَبَدَ اللهَ كَأَنَّهُ يَرَاهُ؛ فَإِنَّ جَزَاءَهُ هُوَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ؛ فَيَرَى اللهَ تَعَالَى فِي الآخِرَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيَادَة﴾ [يُونُس: ٢٦]، وَفَسَّرَهَا النَّبِيُّ ﷺ بِأَنَّهَا النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ الكَرِيمِ، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (١٨١) عَنْ صُهَيبٍ مَرْفُوعًا.
(^٢) صَحِيحُ مُسْلِمٍ (١٧٦) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "أَنَّهُ رَآهُ مَرَّتَينِ بِفُؤَادِهِ".
1 / 38