قلنا: إنه وإن كان مجازا فإن المجاز كالحقيقة في أنه لايصح التناقض فيه ))(1).
جاء في تاج العروس: (( والنظر أيضا تقليب البصيرة لإدراك الشيء ورؤيته، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص، وقد يراد به التأمل والفحص )). ثم قال الشارح: (( ويقال نظرت إلى كذا إذا مددت طرفك إليه، رأيته أو لم تره ))(2) انتهى.
ومن هنا يتبين لنا أن كلمة النظر مشتركة بين أكثر من معنى فقد تكون:
1 بمعنى الانتظار: بدليل قوله تعالى حاكيا عن بلقيس: {فناظرة بم يرجع المرسلون}(3). وقوله تعالى: {ما ينظرون إلا صيحة واحدة}(4) أي ما ينتظرون، ومما يدل عليه أيضا قول حسان بن ثابت:
وجوه يوم بدر ناظرات ... إلى الرحمن يأتي بالخلاص
2 بمعنى المقابلة، وهو تقابل الشيئين وتواجههما من غير ساتر.
ويدل عليه قول الشاعر:
إذا نظرت إلي جبال أحد ... أفادتني بنظرتها سرورا
3 بمعنى الرحمة: وهي حصول منفعة أو دفع مضرة، مثل: نظر فلان إلى المسكين. أي رحمه ومما يدل عليه قوله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لاخلاق لهم في الآخرة ولايكلمهم الله ولاينظر إليهم يوم القيامة}(5).
فالمراد بالنظر المذكور في الآية أنه لايرحمهم، ومما يدل عليه أيضا قول الشاعر:
أنظر إلي بعين برك نظرة ... فالفقر يزري والنعيم يبجل
4 بمعنى التفكر: وهو إجالة ما يخطر في القلب، من التفكير، ويدل عليه قوله تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت}(6).
Bogga 49