257

Hogaamiyeyaasha Kacaanka Casriga ah

رواد النهضة الحديثة

Noocyada

ثم قال:

وضع الناس الحكومات لأجل خدمتهم، والاستبداد قلب الموضوع؛ فجعل الرعية خادمة للرعاة كأنها خلقت لأجلهم فقبلوا وقنعوا، كما أن الاستبداد استخدم قوتهم المجتمعة وهي هي قوة الحكومة على مصالحهم لا لمصالحهم فارتضوا ورضخوا.

ولما كان ضبط أخلاق الطبقات العليا من الناس من أهم الأمور أطلقت الأمم الحرة حرية الخطابة والتأليف والمطبوعات مستثنية القذف فقط، ورأت أن تحمل مضرة الفوضى في ذلك خير من التحديد؛ لأنه لا ضامن للحكام أن يجعلوا الشعرة من التقييد سلسلة من حديد، يخنقون بها عدوتهم الطبيعة أي الحرية، وقد حمى القرآن قاعدة الإطلاق بوضعه قاعدة: «لا يضار كاتب ولا شهيد.»

وفي فصل عنوانه: «الاستبداد والترقي» تخطى إلى القول: «وقد يبلغ فعل الاستبداد بالأمة أن يحول ميلها الطبيعي من طلب الترقي إلى طلب التسفل بحيث لو دفعت إلى الرفعة لأبت وتألمت، كما يتألم الأجهر من النور، وإذا ألزمت بالحرية تشقى، وربما تفنى كالبهائم الأهلية إذا أطلق سراحها ... وعندئذ يصير الاستبداد كالعلق يطيب له المقام على امتصاص دم الأمة لا ينفك عنها حتى تموت، ويموت هو بموتها.»

هذه الفكرة قالها أديب إسحاق قبل السيد الكواكبي ولكن هذا لا يضيره.

ثم توغل السيد في هذا البحث، فتصور نفسه يخاطب قومه ليحرك قلوبهم، فنحا في الكلام نحوا جميلا يكاد يكون ابتكارا في أسلوب المقالة فابتدأ هكذا:

يا قوم، ينازعني - والله - الشعور هل موقفي هذا في جمع حي أحييه، أم أنا أخاطب أهل القبور فأحييهم بالرحمة.

يا قوم، لستم أحياء عاملين ولا أمواتا مستريحين، بل أنتم بين بين في برزخ يسمى التنبت ويصح تشبيهه بالنوم.

يا قوم - هداكم الله - ما هذا الشقاء المديد والناس في نعيم مقيم، وعز كريم، أفلا تنظرون إلخ.

يا قوم - وقاكم الله من الشر - أنتم بعيدون عن مفاخر الإبداع، وشرف القدوة، مبتلون بداء التقليد والتبعية في كل فكر وعمل، وبداء الحرص عل كل عتيق، إلخ.

Bog aan la aqoon