Hogaamiyeyaasha Kacaanka Casriga ah
رواد النهضة الحديثة
Noocyada
أعلمت إلى ماذا كان يدعو أمته أديب إسحاق؟ إلى جامعة عربية! هكذا يكون الرجل السابق لزمانه، والثمر الطيب قبل أوانه. وليقم الشدياق وإسحاق والريحاني فيروا ما تحقق من أمانيهم.
خلقه وخلقه:
كان أديب طويل القامة والعنق مع انحناء قليل، عظيم الأنف، عريض الجبهة بارزها، جهوري الصوت، لطيف الحديث، ذكيا، نبيها، حاد الذهن، اشتهر بالخطابة والإنشاء فكان إذا خطب أفصح وأعرب، وإذا كتب سحر الألباب بحسن البيان مع السلاسة والبلاغة، وهو قدوة المنشئين وعمدة الكتاب.
أما الذي يتراءى لي من مخلفاته الكتابية ومن أسلوبه فهو أنه ناري الشعور متقد الخاطر، ثوري من الطراز الأول، كأنه كان في رفقة الحجاج يوم دخل الكوفة، وقد انتشر النهار ... يرسل عباراته الخرقاء فتئز أزير السهم، وقد فارق الوتر، جمل كأنها مقطوعة على نمط واحد، لا هي بالطويلة ولا هي بالقصيرة، يشد بعضها بعضا، فتؤلف مقالته كتيبة جامحة، إذا أخذتها منفردة لا تحس لها أثرا عظيما، ولكنها تؤلف «كلا» تخرج منه النفس وقد ملأها هذا الكلام اندفاعا واستبسالا، وما أظن إبعاده مرات عن مصر في خلال مدة قصيرة إلا ناتجا عن هذا الكلام الحاد الذي يفعل في النفوس فعله العجيب، لصدوره عن نفس منفعلة، متأثرة بكل ما تقول، مخلصة لما تدعو إليه، تنادي بمصر للمصريين، وكلها إيمان ويقين بما تدعو الناس إليه: «ومصر - ولا حياء في الحب - بلد تركت فيه زهرة أيام الشباب، وخلقت باكورة غرس الآداب، وهززت غصن الأماني رطيبا، ولبست ثوب الأمال قشيبا، فما عدلت بي عن حبها النكبة، ولا أنستني عهدها الغربة، ولست أول محب زاده البعد وجدا، ولم ينكث على الصد عهدا، فحذار أهل مصر إن العدو لكم بالمرصاد، وإنكم لمحفوفون بالعيون والأرصاد.»
يسير أديب الهويناء قاذفا نظرات كالتفاتات النسر، ولكنه أبدا في انتظار. يتطلع هنا وهناك على فريسة لقلمه، حتى إذا لاحت له كان قيد الأوابد حقا، وأنشب فيها مخالب قلمه. هجاء يذيب الشحم ويقرض اللحم. اسمعه بأي لهجة ينافح عن بلاده كاتبا أجنبيا اسمه شارم غبريل: «أتقول، وأنت أكذب القائلين، إن السوريين أرباب كذب ونفاق، ودناءة أخلاق، لا مروءة لهم ولا حياء، ولا همة فيهم ولا خلاق؟! كذبت ورب المروءة، وما هي أول فرية منك، فقد رميت من قبل نزالة اليونان في مصر بهذا القول، فجاءك النذر من الصديق جوسيو: «رد ما كذبت أو تكون من الخاسرين»، فأبيت فدعاك للنزال، يحسب أن في عروقك دم الرجال، فتسترت بأذيال فواجر الغدر، فعلم أن مثلك لا يعامل معاملة الشرفاء، فصفعك كما يصفع الأنذال.
وتذكر بعض مخدراتنا بالسوء ابتهارا، وتورد في ذلك حكاية حال من سفر بحر وصحبة فتى، وتزلف والد ... فهلا ذكرت يا ابن الطاهرة، مكارم الكرائم حيث دببت، وحيث شببت، وحيث تأدبت، فلا تحرجنا فتخرجنا من الذود إلى الإقدام، ومن الجواب إلى الخطاب. إنا نعرف منكم ما لا تنكرون، ونعلم ما لا تجهلون.
ثم طبعت هذا القول الهراء يا سقيم الطبع، فأين تركت ماء الحياء، ومن أين جلبت لوجهك جلد خنزير؟!
عفوا سادتي، عما ترون بي من سورة الغضب، ولكن هو الوطن، والعرض والقوم، ومن ذا الذي لا يغضب لقومه أن ينالهم لسان مبتذل ساقط لئيم ... قد عرفت هذا الرجل الذي جاءكم ضيفا نزيلا، وأكرمتموه، فجعل أعراضكم مناديل.
ويا مسيو غبريال شرم هذه أولى رسائلي إليك تنوب عن يد يقصرها بعد المسافة عنك، فطب نفسا. إنك التمست الشهرة بين قومك بما افتريت على السوريين والمصريين من قبلهم، وإني لأجعل لك بين قومي ذكرا، يجدده المستقبحون عصرا فعصرا.»
إنشاؤه:
Bog aan la aqoon