Hogaamiyeyaasha Kacaanka Casriga ah
رواد النهضة الحديثة
Noocyada
ذاك كان عمل رجال الدين من كل ملة، وخصوصا رهبان لبنان المنزوين المنقطعين في أشداق الجبال وحناجرها، لا عمل للقارئ الكاتب منهم غير التعليم ونسخ الكتب، أو ترميم ما رث منها، كما قال جرير في وصف قبر أم حزرة:
وكأن منزلة لها بجلاجل
وحي الزبور تجده الأحبار
أو كقول ابن أبي ربيعة:
لمن دمن بخيف منى قفور
كأن عراص مغناها الزبور
أجل إن الزبور كان أكبر حظا من غيره عند النساخ، ثم كان أول ما طبع، وسبب ذلك تلك الشاعرية والصوفية التي كانت تستأثر بهوى نفوس الناس يوم لم يكن للمادة هذا الطغيان، ويوم كان الناس يؤمنون، ويخشون الخطيئة فيتشبهون بصاحب الزبور خاطئا، ويستغيثون بمزاميره تائبا، إن الله لتواب رحيم.
أما الأميون من هؤلاء النساك فكانوا للحراثة، والحياكة، والسكافة، والنجارة، وكل ما يقتضيه أسلوب حياتهم، وهكذا حفظوا العلم من الضياع قبل أن انبرت له المطبعة. فمن قلم الغزار، إلى المطبعة الخشبية، فالحجرية، فالرصاصية الحديثة السريعة الخطى، كل هذه المواكب الثقافية أزجاها - أولا - الدين ورجاله. فجل هؤلاء بل كلهم قد نشروا العلم إحياء للدين، ولكن العلم كان عقوقا فصح فيه القول: اتق شر من أحسنت إليه.
أما تاريخ المطبعة فقديم العهد عندنا. استهلت أول مطبعة في المشرق سنة 1610 أهدتها رومة إلى الرهبانية اللبنانية في دير قزحيا. وما دير قزحيا غير ذلك الكهف الذي أسمع جبال لبنان أول شعر عربي فصيح، بعدما كان يقال زجلا. وما ذاك الشاعر اللبناني الأول، غير الراهب جبريل، الذي صار، فيما بعد، المطران جرمانوس فرحات أول رواد الفصحى، ثم أنشأت هذه الرهبانية مطبعة أخرى في دير طاميش.
وفي حلب الشهباء أنشئت أول مطبعة عربية عام 1698، ثم كانت مطبعة الشوير سنة 1732، ثم مطبعة القديس جاورجيوس سنة 1753، ثم مطبعة بولاق عام 1821.
Bog aan la aqoon