174

Rum

الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب

Noocyada

وكان قد تولى الخلافة في دمشق سليمان بن عبد الملك (715-717)، وكان سليمان يحسب أنه هو المقصود بالحديث القائل إن خليفة يحمل اسم نبي سيفتح القسطنطينية، فأعد أسطولا كبيرا وجيشا عظيما وأسند القيادة في البر لأخيه مسلمة، وفي البحر لوزيره سليمان، فقام مسلمة من طرسوس إلى الدردنيل والتقى في أبيدوس بسليمان وعمارته، وكان لاوون قد حشد كل ما لديه في العاصمة للدفاع، فقطع الجيش العربي الدردنيل، وزحف على القسطنطينية وحاصرها برا، وقامت العمارة العربية بالعمل نفسه من البحر.

وحاول سليمان أن يسد طريق البحر الشمالية، فانبرت لصده بوارج الروم فأنزلت بمراكبه ضررا كبيرا، وبقي منفذ القسطنطينية الشمالي مفتوحا للمدد من البحر الأسود، واعتمد مسلمة على تجويع المدينة أكثر من اعتماده على مهاجمتها جبهيا، ولكن لاوون كان قد حسب لهذا المحذور حسابه فأمر كل أسرة بأن تختزن مئونة سنتين، أما مسلمة فإنه لم يحسب الحساب لشتاء قارس يداهمه، فجاء شتاء السنة 717-718 بثلج دام ثلاثة أشهر، فمات عدد كبير من جنود مسلمة بالبرد وداء الزحار، وبين من لقوا حتفهم الوزير سليمان.

وفي ربيع السنة 718 وصل أسطول احتياطي من مصر وجيش جديد من طرسوس، واحتل هذا الجيش شاطئ البوسفور الآسيوي ورسا الأسطول في مياهه، فتسللت سفن النار الرومية إلى مرسى الأسطول المصري فأحرقته، ونزلت قوة من الروم وراء الجيش الجديد فباغتته ومزقته إربا، وبدأت المجاعة تهاجم صفوف مسلمة، ثم فاجأه البلغاريون من الوراء فقتلوا من رجاله عشرين ألفا، فتراجع عن عاصمة الروم بعد أن فقد معظم جيشه، وتعرض الباقي من عمارته لعاصفة في بحر إيجه فلم يعد إلى شواطئ الشام سوى خمس سفن فقط.

39

الفصل السابع عشر

تطور وتغيير

الأرض والسكان

وكان من جراء حروب القرن السابع أن تقلص ظل الروم عن قسم من أرمينية وعن الجزيرة والشام ومصر وأفريقيا، وفقد الروم معظم البلدان التي فتحها يوستنيانوس في الغرب وتراجعوا عن خط الدانوب إلى الجبال بين ميسية وتراقية، فنقصت إمبراطوريتهم نصفها.

وكان الآفار والصقالبة قد بدءوا منذ أواخر القرن السادس يعبرون الدانوب فيعيثون فسادا في إيليرية وتراقية، فلما حلت الفوضى في عهد فوقاس ونشبت حروب هرقل الطاحنة في آسية تعددت هجمات هؤلاء البرابرة وأصبحت إلى هجرة شاملة أقرب منها إلى غزو، واضطر الروم أن يذعنوا للواقع في بعض الأحيان فيعترفوا لبعض هذه القبائل كالكرواتيين والسرب بكيان خاص في داخل حدودهم، ولئن وفقوا في بعض الأحيان إلى رد القبائل الزاحفة عبر الدانوب؛ فإنهم لم يستطيعوا المحافظة على هذا الحد دائما، فكانت تعود القبائل، فتتسلل جماعات في الخفية وبالتدريج، فتستقر داخل الحدود؛ حيث تسمح لهما بذلك الظروف، ومن هؤلاء الصقالبة.

ويستدل من بعض المراجع الأولية أن قبائل الكروات والصرب عبروا الدانوب في الربع الأول من القرن السابع، واحتلوا بالقوة جميع إيليرية حتى شاطئ الأدرياتيك، وأن هرقل اعترف بوجودهم في هذه الأراضي لقاء معونة يقدمونها له ضد الآفار شرط أن يتقبلوا النصرانية،

Bog aan la aqoon