Rum
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Noocyada
6
ثم كانت الفتنة التي قتل فيها عثمان سنة 656، ونشبت حرب أهلية في صفوف العرب المسلمين، فقدر لرمال الصحراء الأفريقية ولجبال طوروس أن تقف سنوات حدا فاصلا بين العرب والروم.
وانتهز قسطنطين الثالث هذه الفترة من الهدوء في الخارج لإعادة النظر في إدارة الدولة، فأدخل بعض التعديلات التي سينظر فيها في فصل لاحق، وفي هذه الفترة أيضا عالج مشكلة المشيئة الواحدة، وكان جده هرقل - كما تقدم معنا - قد بدأ منذ السنة 622 يفاوض في أمر المشيئة الواحدة، وكان قد أجمع على القول بها منذ السنة 629 جميع البطاركة وبينهم البابا أونوريوس.
وكان هرقل قد أصدر في السنة 638 دستور إيمان رسمي عرف بالإكثيسيس أوجب به قبول المشيئة الواحدة، وكان البطريرك بيروس قد استعفى على إثر هياج الشعب في العاصمة ضد الفسيلسة مرتينة ربيبته، وهاجر إلى أفريقية، وكان قد قام بينه وبين مكسيموس جدال حول المشيئة الواحدة انتهى باقتناع بيروس سنة 645 ورجوعه عن هذه البدعة.
وكان بيروس قد كتب إلى بولس الثاني خليفته على عرش كنيسة القسطنطينية يهدده بالقطع إن لم يرجع عن الهرطقة ويرفع الإكثيسيس عن أبواب الكنائس، وكان بيروس ومكسيموس قد رحلا معا إلى رومة فأيدهما البابا ثيودوروس الأول (642-649)، فألغى قسطنطين الثالث الإكثيسيس وأصدر التيبوس
Typon
محظرا به كل تعليم بالمشيئة الواحدة أو المشيئتين. ثم كان أن تبوأ عرش كنيسة رومة في السنة 649 البابا مرتينوس الأول (649-655) فعقد مجمعا حرم فيه الإكثيسيس والتيبوس، وطلب إلى الفسيلفس أن يعزل البطريرك بولس الثاني ويقيم غيره أرثوذكسيا، فاستعظم قسطنطين الثالث هذا الطلب وقبض على البابا وقيده بالسلاسل هو ومكسيموس وحكم عليهما بالعصيان.
وتوفي البابا في المنفى بعد شدائد قاسية، وحاول قسطنطين الثالث أن يكره مكسيموس على القول بالتيبوس فلم يفعل، فغضب عليه وأمر بجلده ثم بقطع لسانه ويمينه، فمات في السنة 662، أما بيروس فإنه بعد أن رفض بدعته عاد إلى القول بها، ثم رجع إلى القسطنطينية فنصب بطريركا للمرة الثانية بعد وفاة بولس الثاني، ولكنه ما لبث أن توفي بعد خمسة أشهر سنة 652.
وأساء قسطنطين الثالث الظن بأخيه ثيودوسيوس، فألبسه ثوب الرهبنة ثم قتله، فثار به ضميره، وأصبح أخوه يتراءى له حاملا كأسا من دمه ويقول له: «يا أخي اشرب»، فكره الإقامة في المدينة التي ارتكب فيها إثمه ونزح عنها. وفي السنة 662 ذهب إلى رومة فاستقبله فيها البابا ويتاليانوس بالحفاوة والإكرام، واغتاظ الشعب في القسطنطينية لسفره وتغيبه ولم يرض أن يتبعه في السفر زوجته وأولاده. ثم بعد ست سنوات ضربه خادم حمامه في سرقوصة بصندوق من الصابون على رأسه فتوفي في السنة 668.
قسطنطين الرابع (668-685)
Bog aan la aqoon