Ruuxa Kacaanada iyo Kacaanka Faransiiska
روح الثورات والثورة الفرنسية
Noocyada
يمكن تلخيص ميراث الثورة الفرنسية في ثلاث كلمات: الحرية والمساواة والإخاء، وقد رأينا أن تأثير مبدأ المساواة وحده كان عظيما.
وقد اختلف الناس في فهم تلك الألفاظ، ومن الأمور المعلومة أنه نشأ عن الاختلاف في تفسير الألفاظ الواحدة حروب كثيرة.
كانت كلمة الحرية تدل عند رجال العهد على حقهم في الاستبداد المطلق، والآن تدل عند الشاب المتعلم على تحرير النفس من كل احترام لما يضغطها من تقاليد وقوانين وأفضليات، وهي تدل عند يعاقبة الوقت الحاضر على حقهم في اضطهاد خصومهم.
يذكر الخطباء السياسيون كلمة الحرية من وقت إلى آخر في خطبهم، وقد عدلوا عن ذكر كلمة الإخاء؛ لدعوتهم اليوم إلى تطاحن الطبقات، لا إلى التوفيق بينها، وما وجد حقد يفرق بين طبقات الأمة وأحزابها السياسية مثل الحقد الذي ينفثون سمومه، وبينما يتزعزع مبدأ الحرية ويتقلص مبدأ الإخاء نرى مبدأ المساواة ينمو، وقد بقي هذا المبدأ على رغم ما وقع في فرنسة من الانقلابات السياسية منذ قرن، وقد بلغ من الاتساع مبلغا صار به أساسا لحياتنا السياسية والاجتماعية وقوانيننا وعاداتنا وتقاليدنا، ولو من الجهة النظرية على الأقل.
فمبدأ المساواة هو ميراث الثورة الفرنسية الصحيح، وليس الاحتياج الحاضر إلى المساواة أمام القانون وفي المناصب والأموال إلا طور الاشتراكية، أي طور الديموقراطية الأخير، وكلما عم هذا الاحتياج عظم سلطانه وإن خالف سنن الحياة والاقتصاد، وهو صورة جديدة لما بين العقل والمشاعر من الصراع الذي قلما يخرج العقل منه ظافرا. (3) ديموقراطية الكتاب والديموقراطية الشعبية
يمكن رد جميع المبادئ التي قلبت العالم إلى ناموسين: النشوء البطيء والتكيف على حسب اختلاف النفوس.
ويشبه المذهب ذوات الحياة، فهو لا يعيش إلا إذا تحول، وبما أن الكتب لا تذكر هذا التحول فيكون ما تقرره هو طور الماضي، أي صورة الموت هي التي ترسم فيها، لا صورة الحياة.
وقد أثبت في كتاب آخر كيف تتحول النظم واللغات والفنون عندما تنتقل من أمة إلى أخرى، وبينت درجة اختلاف سنن هذه التحولات عما يرد في الكتب، والذي يجعلني أشير إلى ذلك الآن هو أنني أريد أن أوضح علة عدم مبالاتي في البحث عن الديموقراطية بما يجئ في مذاهبها من النصوص، وعلة كوني أقتصر على التنقيب عن عناصرها النفسية وعن تأثيرها في طبقات الناس الذين ينتحلونها.
يتحول المبدأ الأول بسرعة عند ذوي النفسيات المختلفة، ولا يلبث هذا المبدأ أن يصبح عنوان أمور كثيرة التباين، ويطابق هذا الرأي المعتقدات الدينية والسياسية، فعندما يبحث في الديموقراطية مثلا يجب تحقيق مدلول هذه الكلمة عند مختلف الأمم، وتحقيق الفرق في الأمة الواحدة بين ديموقراطية الكتاب والديموقراطية الشعبية.
ويسهل علينا، عند وضعنا هذه الملاحظة موضع الاعتبار، أن نحقق أن ما يرد في الكتب والجرائد من الأفكار الديموقراطية لم يكن غير نظريات خالصة يضعها الكتاب ولا يعلم الشعب من أمرها شيئا ولا يفيده العمل بها، فإذا حاز العامل نظريا حق اختراق الحواجز التي تفصله عن الطبقات القائدة بالمسابقات والفحوص فإن أمل وصوله إلى ذلك عمليا ضعيف جدا.
Bog aan la aqoon