Ruuxa Kacaanada iyo Kacaanka Faransiiska
روح الثورات والثورة الفرنسية
Noocyada
وبما أن الإنسان لم يدخل في دور المعرفة إلا منذ زمن قليل ، وكان مسيرا بالمشاعر والمعتقدات، تجلى لنا شأن الحقد في التاريخ، ولقد أشار أحد أساتذة المدرسة الحربية القائد كولان إلى أهمية عاطفة الحقد في بعض الحروب حيث قال: «لا داعي إلى الشجاعة في الحرب أكثر مما إلى الحقد، فهو الذي نصر بلوخر على ناپليون، وإذا بحثنا عن أحسن الحركات العسكرية وأحزمها رأيناها قد صدرت عن البغض والنفور أكثر مما عن العدد، وماذا كانت نتيجة حرب سنة 1870 لولا الحقد الذي كان يحمله الألمان في صدورهم ضدنا؟»
ويمكن هذا المؤلف أن يقول أيضا إن حقد اليابان الشديد على الروس الذين كانوا يزدرونهم هو أحد الأسباب التي نصرت أولئك على هؤلاء، وأما الروس فبما أنهم كانوا لا يعلمون غير شيء يسير عن اليابان فإنهم لم يحملوا شيئا من الضغينة نحوهم فزاد ذلك ضعفهم.
نعم، لاكت الأفواه كلمة الإخاء أيام الثورة الفرنسية، ولا يزال الناس يرددونها، وصارت كلمة السلم والإنسانية والتضامن قواعد للأحزاب، ولكن شدة الأحقاد المستترة تحت هذه الكلمات والأخطار المحدقة بالمجتمع الحاضر ليست بالشيء الخفي. (4) الخوف
للخوف في أيام الثورات شأن عظيم يقرب من شأن الحقد، فرجال العهد الذين كانوا كثيري الشجاعة أمام المقصلة كانوا شديدي الجبن أمام وعيد مثيري الفتن الذين كانوا متسلطين على مجلس النواب، وسنرى ذلك عندما نلخص تاريخ مجالسنا الثورية.
حقا شوهد الخوف بمظاهره كلها في ذلك الزمن، وكان الظهور بمظهر العاقل المعتدل أخوف ما يخافه الناس، فقد سابق أعضاء المجالس وموظفو الاتهام وقضاة المحاكم خصومهم في التطرف، أي في اقتراف الجرائم، ولو أن معجزة أزالت الخوف من المجالس الثورية لكان لها سير آخر وكان للثورة الفرنسية وجهة أخرى. (5) الحرص والحسد والزهو
تتبع هذه العناصر العاطفية في الأوقات العادية مقتضيات الاجتماع فيكون الحرص محدودا بحكم الضرورة في مجتمع قائم على نظام المراتب، فإذا صار فيه جندي قائدا فذلك لا يقع إلا بعد انقضاء زمن طويل، وأما في أيام الثورات فبما أنه جاز لكل امرئ أن يصعد في أعلى المراتب فإن خلق الحرص يهيج عند الناس فيظن أحقرهم أنه أهل لها فيبلغ الزهو فيه غايته.
وللحسد شأن عظيم في الأدوار الثورية، فكان حسد الناس للأشراف سببا من أسباب الثورة الفرنسية، ولما زادت الطبقة الوسطى فيها مالا وسطوة وكثر اختلاطها بالأشراف شعرت - على الرغم من ذلك - ببعدها منهم فأحست في نفسها ألما شديدا، وهذه الحالة الروحية جعلتها تميل غير شاعرة إلى المذاهب الفلسفية القائلة بالمساواة.
إذن، كانت عزة النفس المجروحة والحسد سببين لما لم ندرك مغزاه اليوم من الأحقاد، فكان كثير من رجال العهد مثل كاريه ومارا وغيرهما يتذكرون - والغضب آخذ منهم مأخذه - أنهم تقلدوا وظائف ثانوية لدى الأمراء الإقطاعيين، وما استطاعت مدام رولان أن تنسى أنها عندما دعيت في الدور السابق مع والدتها للعشاء عند سيدة كبيرة تناولتاه مع خدم المائدة.
قال الفيلسوف ريفارول: «لم تكن الضرائب وأوامر الملك وتصرف السلطة السيئ وجور الولاة وتقاعس القضاة أمورا أثارت وحدها ساكن الأمة، بل إن الأمة أظهرت من الحقد على طبقة الأشراف ما لم تظهره على شيء آخر».
قال ناپليون: «إن الزهو كان سببا للثورة الفرنسية، ولم يكن السعي إلى الحرية سوى حجة باطلة». (6) الحماسة
Bog aan la aqoon