234

Ruuxa Bayaanka

روح البيان في تفسير القرآن

Daabacaha

دار الفكر

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Fasiraadda
الثلاثة لم يطلق العزيز فكم من شىء يقل وجوده ولكن إذا لم يعظم خطره ولم يكثر نفعه لم يسم عزيزا وكم من شىء يعظم خطره ويكثر نفعه ولا يوجد نظيره ولكن إذا لم يصعب الوصول اليه لم يسم عزيزا كالشمس مثلا فانها لا نظير لها والأرض كذلك والنفع عظيم في كل واحدة منهما والحاجة شديدة إليهما ولكن لا توصفان بالعزة لانه لا يصعب الوصول الى مشاهدتهما فلا بد من اجتماع المعاني الثلاثة ثم في كل من المعاني الثلاثة كمال ونقصان فالكمال في قلة الوجود ان يرجع الى واحد إذ لا اقل من الواحد ويكون بحيث يستحيل وجود مثله وليس هذا الا الله تعالى فان الشمس وان كانت واحدة في الوجود فليست واحدة في الإمكان فيمكن وجود مثلها والكمال في النفاسة وشدة الحاجة ان يحتاج اليه كل شىء في كل شىء حتى في وجوده وبقائه وصفاته وليس ذلك الكمال الا لله تعالى فهو العزيز المطلق الحق
الذي لا يوازيه فيه غيره والعزيز من العباد من يحتاج اليه عباد الله في أهم أمورهم وهي الحياة الاخروية والسعادة الابدية وذلك مما يقل لا محالة وجوده ويصعب إدراكه وهذه رتبة الأنبياء ﵈ ويشاركهم فى العز من يتفرد بالقرب من درجتهم في عصره كالخلفاء وورثتهم من العلماء وعزة كل واحد بقدر علو رتبته عن سواه في النيل والمشاركة وبقدر عنائه في ارشاد الخلق والحق ذو الحكمة والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأجل العلوم وأجل الأشياء هو الله تعالى ولا يعرف كنه معرفته غيره فهو الحكيم المطلق لانه يعلم أجل الأشياء بأجل العلوم إذ أجل العلوم هو العلم الأزلي الدائم الذي لا يتصور زواله المطابق للمعلوم مطابقة لا يتطرق إليها خفاء وشبهة ولا يتصف بذلك الا علم الله تعالى وقد يقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويحكمها ويتقن صنعتها حكيما وكمال ذلك ايضا ليس الا لله تعالى فهو الحكيم المطلق ومن عرف جميع الأشياء ولم يعرف الله تعالى لم يستحق ان يسمى حكيما لانه لم يعرف أجل الأشياء وأفضلها والحكمة أجل العلوم وجلالة العلم بقدر جلالة المعلوم ولا أجل من الله ومن عرف الله فهو حكيم وان كان ضعيف المنة فى سائر العلوم الرسمية كليل اللسان قاصر البيان فيها الا ان نسبة حكمة العبد الى حكمة الله تعالى كنسبة معرفته الى معرفته بذاته وشتان بين المعرفتين فشتان بين الحكمتين ولكنه مع بعده عنه فهو انفس المعارف وأكثرها خيرا ومن اوتى الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا وما يتذكر الا أولوا الألباب نعم من عرف الله كان كلامه مخالفا لكلام غيره فانه فلما يتعرض للجزئيات بل يكون كلامه جمليا ولا يتعرض لمصالح العاجلة بل يتعرض لما ينفع في العاقبة ولما كانت الكلمات الكلية اظهر عند الناس من احوال الحكيم من معرفته بالله ربما اطلق الناس اسم الحكمة على مثل تلك الكلمات الكلية ويقال للناطق بها حكيم وذلك مثل قول سيد الأنبياء ﵇. رأس الحكمة مخافة الله. الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله.
ما قل وكفى خير مما كثر والهى. السعيد من وعظ بغيره. القناعة مال ينفد. الصبر نصف الايمان.
اليقين الايمان كله. فهذه الكلمات وأمثالها تسمى حكمة وصاحبها يسمى حكيما انتهى كلام الغزالي ثم ان في الآية اشارة الى ان في إرسال الرسل حكمة اى مصلحة وعاقبة حميدة لان عمارة الظاهر وانارة الباطن ونظام العالم بهم لا بغيرهم ولورثتهم من الأولياء الكاملين حظ اوفى

1 / 235