المشرقان عليك ينتحبان
قاصيهما في مأتم والداني
أو مما يحفظه عشاق أم كلثوم (عن أم كلثوم!):
سلوا كئوس الطلا هل لامست فاها
واستخبروا الراح هل مست ثناياها
باتت على الروض تسقينا بصافية
لا للسلاف ولا للورد رياها
ما ضر لو جعلت كاسي مراشفها
ولو سقتني بصاف من حمياها
وما ينطبق على الشعر ينطبق على النثر، وخصوصا ما كان يسمى بالنثر الفني، تجاوزا لاتصافه بخصائص النظم، مثل السجع (الذي يحاكي القافية) وتساوي المقاطع (مما أوصى به أبو هلال العسكري في كتابه الصناعتين) وما إلى ذلك من المحاسن الشكلية المستقاة من شعر العرب. وأرجو ألا يتصور أحد أنني أنتقد مدرسة فنية بعينها أو أعيب شكلا من أشكال التعبير تختص به العربية دون غيرها، فهذه سمات لا تتميز بها لغة عن لغة، ولكنني أسوق هذه الأمثلة للتدليل على الوظيفة التي يقوم بها الإيقاع في تحديد «النغمة»، فإذا كان صحيحا أن الذهن يستوعب معاني الألفاظ بسرعة تفوق سرعة إلقائها أربع مرات (دافيد كولب وآخرون: نحو نظرية تطبيقية للتعليم عن طريق الخبرة، لندن، 1976م) فإن إبطاء الإيقاع عن طريق تكرار بعض الألفاظ أو العبارات في قوالب نغمية محددة يضاعف من الزمن الذي يستغرقه الذهن في استيعاب المعاني ويجعل للأذن المهمة الكبرى في عملية التلقي حتى ولو كان القارئ يقرأ شعرا مهموسا (وهو الاصطلاح الذي أتى به الدكتور محمد مندور ليفرق به بين شعر الخطابة القديم والشعر «الوجداني» الحديث)؛ ولذلك فإن «نغمة » الشاعر لا بد أن تختلف مما يلقي على المترجم للشعر عبئا جديدا وإن كان قاصرا
Bog aan la aqoon