وعند ذلك فتح باب غرفتها ودخل منه أندريا، فنظر إليها بسكون وهدوء، وهو يتبسم تبسم الأبالسة، وقال في نفسه: لقد حسبت لك هذا الحساب، وقد حذرت لنفسي ما أمكن. ثم قرع جرسا أمامه، فدخلت فاني ومعها رجل قصير بلباس الأطباء، وهو أحد رجال العصابة الذين جلبهم كولار لخدمة هذا المحتال، فقال أندريا: ضعي سيدتك في سريرها، وانضحي وجهها بالماء حتى تفيق، وأنت تعرفين الدور الذي عليك. ثم التفت إلى الرجل وقال: أما أنت فستكون بصفة الطبيب على حسب ما اتفقنا. ثم تركهما وانصرف.
ولما فتحت عينيها بدأت باسم فرناند تكرر لفظه، حتى إذا رجع رشدها نظرت إلى فاني، وقالت: أين أنا؟ وماذا جرى؟ ثم نظرت فرأت الطبيب المتصنع جالسا على كرسي بجانبها، فصاحت مذعورة: من هذا الرجل؟ - هو الطبيب يا سيدتي. - عجبا! إذن أنا مريضة؟ - نعم، ومريضة جدا.
وعند ذلك نهض الطبيب وجس نبضها، وقال: هذا هو اليوم الثامن من أيام الحمى.
فصاحت مستنكرة: اليوم يوم الثامن؟!
فقال الطبيب وهو ينظر إلى الخادمة: إن الحمى قد خفت، ولكني أخشى أن لا يكون الهذيان قد زال، أو أن يكون مصيره إلى الجنون.
فصرخت باكارا وقد استوت جالسة: أمجنونة أنا؟ ويلاه ماذا جرى؟ وأين فرناند؟
فالتفت الطبيب إلى الخادمة وقال: انظري، فقد عاودها الجنون!
فقالت باكارا: لكني لست مجنونة. ثم أمسكت الخادمة وأدنتها منها، وقالت لها: انظري إلي يا فاني وأصدقيني الخبر، أمريضة أنا؟ - نعم يا سيدتي، ومن ثمانية أيام. - ذلك مستحيل، فقد كنت الآن سليمة، وكان الشرطي هنا. - لم يأت إلى هنا على الإطلاق. - عجبا! وفرناند كان بجانبي. - إن فرناند لم يأت إلى منزلك قط، وأنا لا أعرفه إلا بالسماع عندما تذكرين اسمه وكنت مريضة.
فبهتت باكارا وقالت: أمجنونة أنا حقيقة، أم أنا في حلم؟ - بل كانت الحمى شديدة عليك ثمانية أيام. - ذلك مستحيل وألف مستحيل. ثم عادت تحدث نفسها وتقول: إنني لست بمجنونة ولا حالمة، بل أنا مخدوعة مغرورة، وأخذت فرناند أمس عن الطريق مغشيا عليه، وجئت به في مركبتي، واستدعيت له طبيبا ولكن غير هذا الطبيب.
فقاطعها الطبيب المتصنع وقال للخادمة: إن هذا النوع من الجنون يسمى اختلال الشعور، ولا يمكن شفاؤه إلا باستعمال الحمام البارد كل ساعتين.
Bog aan la aqoon