فأقسم له الكونت على الوفاء، وقال له: بقي أن تذكر لي اسم هذه المرأة.
فقال أندريا بصوت منخفض: لم يحن الوقت بعد، غير أنه قد يحدث في هذه الليلة براز بين رجلين يكون أحدهما زوج المرأة، وتكون أنت أحد الشاهدين، ومتى عرفت المرأة وربما تعرفها في هذه الليلة تبتدئ معها بتمثيل دورك، والآن فإني أستودعك الله إلى أن نلتقي، فكن حريصا على كتمان هذا السر أشد الكتمان؛ لأن أقل هفوة تبدر منك قد تهدم جميع ما تبنيه.
ثم حياه وانصرف، فاختلط بين اللاعبين في قاعة اللعب ودخل الكونت إلى قاعة الرقص.
ودارت المخاصرة على أنغام الموسيقى إلى أن وهت قوى الراقصين، فذهبت النساء إلى المقصف مع بعض الرجال، ودخل بعض الرجال إلى قاعة اللعب حتى غصت بهم، وكان بعضهم يلعبون لعبة الباكاراه على منضدة كبيرة كان حواليها كثير من الناس بينهم أندريا متنكر باسم إنكليزي، وروكامبول متنكر باسم كونت، فدخل فرناند روشي والورق بيد روكامبول فقامره فرناند فخسر، ثم الثانية والثالثة والرابعة وروكامبول يربح منه دائما، ثم أظهر روكامبول كأنه قد طمع بالربح، فعرض جميع ما لديه من النقود للمراهنة، فأجفل الحاضرون لجسامة المبلغ ولبثوا هنيهة يترددون إلى أن دفعت الجسارة فرناند روشي، فأخرج من جيبه جميع ما كان معه من الأوراق المالية وقال لروكامبول: أنا أراهنك، وهذا المال.
فنظر إليه روكامبول، ثم أعطى الذي بيده إلى جاره وقال له ببرود: إني تنازلت عن حقي بالورق.
فاحمر وجه فرناند من الغضب وقال لروكامبول: ماذا تريد بذلك يا سيدي؟ - لا أريد شيئا سوى أني تنازلت عن الورق، وذلك من حقوقي بنظام اللعب. - ولكنك قد بسطت أموالك على المنضدة، وجعلت تطلب منذ حين من يراهنك عليها، فكيف تمتنع حين تقدمت لمراهنتك؟ - ذلك لأني وجدت الانسحاب أفضل.
ثم ترك المنضدة وانصرف؛ فساد السكون بين الحضور لهذه الإهانة الظاهرة، وبات كلاهما يخشى عقباها، أما أندريا فإنه نظر إلى الكونت مايلي الذي كان جالسا بالقرب منه، نظرة خفية فهم منها أن فرناند هو زوج المرأة التي طلب إليه إغواؤها، فهمس في أذن أندريا وسأله قائلا: من هو هذا الشاب الذي ترك الورق؟ - الفيكونت دي كمبول. - والآخر؟ - فرناند روشي زوج المرأة التي أخبرتك عنها والتي رقصت وإياها منذ حين، أفهمت الآن؟
فأجاب الكونت وهو يضطرب: نعم، لقد فهمت كل شيء.
10
أما فرناند فإنه غادر غرفة اللعب وذهب يبحث عن روكامبول، فلقيه في إحدى الغرف وهو بمعزل عن الناس، فبدأ معه بطلب الاعتذار عن إهانته، فأبى روكامبول، وما زالا يتدرجان من العتب إلى الملامة إلى الاحتجاج حتى انتهى بهما الأمر إلى المبارزة، فرفع إليه فرناند رقعة الزيارة المكتوب فيها اسمه وعنوانه وقال له: إلى الغد .
Bog aan la aqoon