ولم يدر أحد ما جرى بين تلك النورية الداهية وبين والدة لوسيان الطامعة، غير أنه في الليلة التالية دعيت إلى القصر ولادة مشهورة في باريس ففحصت كريتشن وقررت أنها ستلد بعد ثمانية أيام أو أقل.
فلما انصرفت الداية اختلت تنوان بوالدة لوسيان خلوة طويلة، وفي فجر اليوم التالي سافرت النورية عائدة إلى الأميرة.
وقد استأجرت مركبة بريد خاصة، وكانت تنثر الذهب وتقتل الجياد جريا، فسارت بها المركبة سيرا متصلا أربعة أيام وثلاث ليال، وفي الليلة الرابعة وصلت إلى قصر كارلوتنبورج، فوجدت الأميرة قد زادت اعتلالا، وقد تمكنت منها الحمى.
فلما رأتها الأميرة برقت عيناها وقالت لها: ماذا فعلت؟ أرأيت الكونت؟
فتكلفت تنوان هيئة الكآبة، وقالت: إنه يا سيدتي من الخائنين.
فتطاير الشرر من عينيها وقالت: أهو خانني؟ ومن هي التي أحبها؟
قالت: سيدتي، إني أقسمت يمينا مغلظة ألا أبوح لك باسم تلك الفتاة السافلة التي اغتصبت منك قلب الكونت.
فهاج غضب الأميرة وقالت: ولكني أريد أن أعلم؟ - إني أقسمت يا سيدتي ألا أبوح باسمها، ولكني لم أقسم بأني لا أذهب بك إلى باريس وأثبت لك هذه الخيانة بالبرهان. - أهي في باريس؟ - نعم، وإن الخائنة ستغدو أما بعد أربعة أيام، فتعالي معي إلى باريس تحضري ولادتها وتمتعي النفس بسرور الكونت بهذا المولود.
فانقض عليها هذا الكلام انقضاض الصواعق، وبلغت منها الغيرة حد الجنون، فلم تعد تكترث لأوامر الملك، وأمرت بإعداد المركبة وسافرت خفية مع تنوان.
فكانت الحمى وتأثير هذا الخبر قد أثرا بها تأثيرا بليغا، فلم يمر بها اليوم الأول من السفر حتى انتهكت قواها، ولكنها أبت الوقوف والراحة، واستمرت على السير، فكانت تصاب في الطريق بإغماء شديد كان يطول عدة ساعات، فإذا عادت إلى رشدها أخذت تنوان تشجعها، تهيج مكامن غيرتها فتأمر بمواصلة السير.
Bog aan la aqoon