فقال: «أراها لرجل من غسان وأنت رجل من بليّ» (١٣٣) قال: فاستهل زهير، فحمد الله تعالى وقال: «أنا والله من نواقل (١٣٤) العرب، وأنا من غسان، جنى جدي جناية [في قومه] (١٣٥) فلجأ إلى «بليّ» فغلب علينا نسبهم» وقال لتبيع: «ما علامة الفتح لنا؟» قال: يطيش (١٣٦) رجل من أصحابك فيستشهد».فلما تدانت الخيول طاش رجل من أمداد (١٣٧) اليمن فقتل، وكان اللقاء «بقصر أبي عبيد» ويقال إنه كان «بممس» (١٣٨). ويقال إن تبيعا قال لزهير: «علامة صاحب الفتح أن يفتض ذلك اليوم بكرا»، قال: فأدنى إليه زهير (١٣٩) رأسه وقال إنه لم يجف بعد، و«إنما تطهرت من افتضاض بكر الساعة» فقال له تبيع: «اخرج على بركة الله الساعة»، فثبت زهير بالقيروان حتى زحف إليه كسيلة في جمع عظيم من البربر والروم.
ونقض الروم العهد، وخرجوا من حصونهم، ووافق جميعهم عيد الأضحى فاعتدّ زهير ومن معه ستة آلاف: ألفين (١٤٠) من البربر وأربعة آلاف من العرب، فلما رأى زهير ما حل به من الروم والبربر، أرسل إلى الروم وقال لهم: «إنا وإياكم أهل كتاب، وقد حضرنا يوم نعظمه، فأخروا حربنا حتى ينقضي العيد»، فأجابوه إلى ذلك. فلما انقضى العيد زحف إلى كسيلة وقاتله قتالا شديدا، فانهزم كسيلة وقتل من أصحابه ما لا يحصى، وتفرقوا. فأقام زهير بالقيروان يسيرا ثم خرج إلى مصر، فوصل