ابن الحارث (٩) أنهم قالوا للمقداد (١٠): «إنك ثقلت، وتخرج في هذه المغازي؟» فقال: خفيفا كنت أو ثقيلا، لا أتخلف عنها، لأن الله تعالى يقول في كتابه العزيز:
(انْفِرُوا خِفافًا وَثِقالًا) (١١)، ثم قال: قدمت سرية على رسول الله ﷺ فذكروا البرد والأجر (١٢) الذي أصابهم، فقال رسول الله ﷺ «إن البرد الشديد والأجر العظيم لأهل إفريقية».
قال عبد الله بن وهب في «جامعه» (١٣): أخبرني (١٤) عبد الله بن لهيعة أنه سمع يزيد ابن [أبي] (١٥) حبيب يذكر أن المقداد بن الأسود كان قد غزا مع عبد الله بن سعد إفريقية، فلما رجعوا قال عبد الله بن سعد للمقداد في دار بناها بمصر (١٦): «كيف ترى بنيان هذه الدار» فقال له المقداد: «إن كانت (١٧) من مال الله فقد أفسدت، وإن كانت من مالك فقد أسرفت»، فقال له عبد الله: «لولا أن يقول قائل: أفسد مرتين، لهدمتها».
وتوفي المقداد سنة ثلاث وثلاثين «بالجرف» (١٨). وحمل على رقاب الرجال حتى دفن بالمدينة، وصلّى عليه عثمان، رضي الله تعالى عنهم أجمعين؛ وتوفي وهو ابن سبعين سنة.