Riyad as-Salihin
رياض الصالحين - ط الرسالة
Baare
شعيب الأرنؤوط
Daabacaha
مؤسسة الرسالة،بيروت
Lambarka Daabacaadda
الثالثة
Sanadka Daabacaadda
١٤١٩هـ/١٩٩٨م
Goobta Daabacaadda
لبنان
Noocyada
جدارَ حَائط أبي قَتَادَةَ وَهُوَا ابْن عَمِّي وأَحبُّ النَّاسَ إِلَيَّ، فَسلَّمْتُ عَلَيْهِ فَواللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ، فَقُلْت لَه: يَا أَبَا قتادَة أَنْشُدكَ باللَّه هَلْ تَعْلَمُني أُحبُّ الله وَرَسُولَه ﷺ؟ فَسَكَتَ، فَعُدت فَنَاشَدتُه فَسكَتَ، فَعُدْت فَنَاشَدْته فَقَالَ: اللهُ ورَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرتُ الْجدَارَفبَيْنَا أَنَا أَمْشي في سُوقِ المدينةِ إِذَا نَبَطيُّ منْ نبطِ أَهْلِ الشَّام مِمَّنْ قَدِمَ بالطَّعَامِ يبيعُهُ بالمدينةِ يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كعْبِ بْنِ مَالكٍ؟ فَطَفقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَى حَتَّى جَاءَني فَدَفَعَ إِلى كتَابًا منْ مَلِكِ غَسَّانَ، وكُنْتُ كَاتِبًا. فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فيهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بلَغَنَا أَن صاحِبَكَ قدْ جَفاكَ، ولمْ يجْعلْك اللَّهُ بدَارِ هَوَانٍ وَلا مَضْيعَةٍ، فَالْحقْ بِنا نُوَاسِك، فَقلْت حِين قرأْتُهَا: وَهَذِهِ أَيْضًا مِنَ الْبَلاءِ فَتَيمَّمْتُ بِهَا التَّنُّور فَسَجرْتُهَا حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُون مِن الْخَمْسِينَ وَاسْتَلْبَثِ الْوَحْىُ إِذَا رسولِ رسولِ الله ﷺ يَأْتِينِي، فَقَالَ: إِنَّ رسولَ الله ﷺ يَأَمُرُكَ أَنْ تَعْتزِلَ امْرأَتكَ، فقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا، أَمْ مَاذا أَفعْلُ؟ قَالَ: لاَ بَلْ اعتْزِلْهَا فَلاَ تقربَنَّهَا، وَأَرْسلَ إِلى صَاحِبيَّ بِمِثْلِ ذلِكَ. فَقُلْتُ لامْرَأَتِي: الْحقِي بِأَهْلكِ فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللُّهُ في هذَا الأَمر، فَجَاءَت امْرأَةُ هِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ رسولَ الله ﷺ فقالتْ لَهُ: يَا رَسُولَ الله إِنَّ هِلالَ بْنَ أُميَّةَ شَيْخٌ ضَائعٌ ليْسَ لَهُ خادِمٌ، فهلْ تَكْرهُ أَنْ أَخْدُمهُ؟ قَالَ:"لاَ، وَلَكِنْ لاَ يَقْربَنَّك"فَقَالَتْ: إِنَّهُ وَاللَّه مَا بِهِ مِنْ حَركةٍ إِلَى شَيءٍ، وَوَاللَّه مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا. فَقَال لِي بعْضُ أَهْلِي: لَو اسْتأَذنْت رسولِ اللهِ ﷺ في امْرَأَتِك، فقَدْ أَذن لامْرأَةِ هِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ؟ فقُلْتُ: لاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رسولَ الله ﷺ، ومَا يُدْريني مَاذا يَقُولُ رسولُ الله ﷺ إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فلَبِثْتُ بِذلك عشْر ليالٍ، فَكَمُلَ لَنا خمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حينَ نُهي عَنْ كَلامنا.
ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ صباحَ خمْسينَ لَيْلَةً عَلَى ظهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبينَا أَنَا جَالسٌ عَلَى الْحال الَّتي ذكَر اللَّهُ تعالَى مِنَّا، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِى وَضَاقَتْ عَليَّ الأَرضُ بمَا رَحُبَتْ، سَمعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أوفَى عَلَى سَلْعٍ يَقُولُ بأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ، فخرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ فَآذَنَ رسولُ الله ﷺ النَّاس بِتوْبَةِ الله ﷿ عَلَيْنَا حِين صَلَّى صَلاة الْفجْرِ فذهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُوننا، فذهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِليَّ فرَسًا وَسَعَى ساعٍ مِنْ أَسْلَمَ قِبَلِي وَأَوْفَى عَلَى
1 / 39