مكة عن طريق الجو بقصد الحج أو العمرة: أن يتأهَّب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة، فإذا دنا من الميقات لبس إزاره ورداءه، ثم لبَّى بما يريد من حج أو عمرة، وإن لبس إزاره ورداءه قبل الركوب أو قبل الدنو من الميقات فلا بأس، ولكن لا ينوي الدخول في الإحرام ولا يلبِّي إلا إذا حاذى الميقات أو دنا منه؛ لأن النبي ﷺ لم يحرم إلا من الميقات.
وأما من كان مسكنه دون هذه المواقيت كسكان: جدة، وبحرة، والشرائع، وغيرها فمسكنه هو ميقاته فيحرم منه بما أراد من حج أو عمرة، أما أهل مكة فيحرمون بالحج وحده من مكة (١).
ومن أراد الإحرام بعمرة أو حج فتجاوز الميقات غير محرم، فإنه يرجع ويحرم من الميقات، فإن لم يرجع فعليه دم يجزئ في الأضحية؛ لقول ابن عباس ﵄: «من نسي من نسكه شيئًا أو تركه فليهرق دمًا» (٢).
أما من توجه إلى مكة ولم يرد حجًا ولا عمرة، وإنما أراد التجارة، أو القيام بعمل من الأعمال له أو لغيره، أو زيارة لأقربائه أو غيرهم ونحو ذلك، فالصواب أنه ليس عليه إحرام إلا أن يرغب في ذلك؛ لقول النبي ﷺ حينما وقَّت المواقيت: «... هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ...» (٣). فمفهومه أن من مر على المواقيت ولم يرد حجًا ولا عمرةً فلا إحرام عليه، ويدل على ذلك أيضًا أن النبي ﷺ، لما دخل مكة
(١) انظر: مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز الجزء الخامس، القسم الأول (٥/ ٢٥١).
(٢) مالك في الموطأ، ١/ ٤١٩، والدارقطني، ٢/ ٢٤٤، والبيهقي، ٥/ ١٥٢، قال الألباني: ثبت موقوفًا. وانظر: إرواء الغليل، ٤/ ٢٩٩.
(٣) وتقدم تخريجه. البخاري، برقم ١٥٢٦، ومسلم، برقم ١١٨١.