============================================================
ولا فرقان الا بالتقوى، قال تعالى، من يتق الله يجعل له فرقانا، اي يفرق به بين الحرام والحلال والهدي والضلال (وحرمنا) بسبب ذلك (من انوار رحمة الرحمن المنان) مع ان الرحمة شاملة والقدرة كافلة لا يحول بينها ويين العبد حائل ولكن منعنا ذلك (بواسطة مجومنا على الخطيثات والعصيان وبه)، اي بالهجوم، (قست قلوينا) ومن قسا قلبه قيل فيه (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) يجوز ان تكون من بمعنى عن بعد تضمين القسوة معى البعد ، اي بعيدة عن ذكر الله تائية غير متاثرة ميالة له ويجوز ان تكون من على بابها .
وليس بعجب ان تقسو القلوب من نفس ذكر الله فكثير من الذاكرين تراهم اشد الناس قسوة وذلك بسبب اتخاذ الذكر حرفة رانت على قلوبهم حتى سقط تاثيره ووقعه في تفوسهم لعدم اخلاصهم فيه ولذلك ترى الباكين الخاشعين عند الذكر والوعظ هم العامة ولا تكاد ترى على تلك الحالة احدا من الوعاظ والقراء. ثم شرع قدس سره ببيان الامراض النفسانية وتاثيرها على صحة القلوب، مشبها كل مرض منها بمرض جسماني مستطردا ذلك بلطيف بيان يشعر بكونه قدس سره طبيب الارواح كما انه طبيب الاشباح اوتي علم الظاهر والباطن، فقال: (واعلموا اخواني ان جنون حب الدنيا) شبه حب الدنيا بالجنون لان الجنون ستر يحجب نور العقل عن النفوذ الى المصالح ، وكذلك حب الدنيا يفسد العقل حتى لا يكاد صاحيه يهتدي الى مبيل، بل لوقسنا محب الدنيا بالمجنون لوجدناه اوعى منه، فالمجنون لا يقتحم مابه هلاكه وفوات مصالحه الدنيوية مع خستها بخلاف محب الدتيا فانه يقتحم خطر الآخرة ويعرض نفسه للهلاك الابدي ولا يشعر، انظر الى كثير من الاغنياء المنهمكين بحب الدنيا تجد احدهم طاعنا في السن وهوعلى شفا جرف من الموت ولا عقب له يجمع لاجله وهو يملك من التالد والطارف ما لا يحصى مع ذلك تراه ساعيا في طلب الزيادة لا يرتد طرف فؤاده الى نفسه هواء مفوقا عليها نصيبها من الدنيا لا يلتفت الى لذة ماكل ومنكح ولا مركب وملبس، يرتكب محارم الله في التوصل الى زيادة فلس، ناس الله واليوم الآخر فهو خاسر الدنيا والآخرة ثم يخلف ما جمع لمن يخالفه بعد موته من زوجته سائر اعداثه فهل هذا يقاس بالمجانين الذين يغفلون عن حظوظ انفسهم وما فيه لذاتها وراحاتها لا والله شتان ما بينهما (وصرع الجهل) الصرع داء ثقيل عسير الشفاء يأي على نوب يوجب صداعا ودوخة وفتورا وضعفا في الحركة شبهه بالجهل لان الجهل كذلك هو داء لا دواء له عسر الشفاء ان ذهبت تزيله صرع ودوخ يورث فتورا وضعفأ في الحركات الكاسبة للعلوم النافعة
Bogga 57