في خفة الطير، وأحلام السباع لا يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا، فيتمثل لهم الشيطان، فيقول: ألا تستجيبون فيقولون ماذا تأمرنا؟، فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دار رزقهم، حسن عيشهم» .
وقد دل هذا الحديث على أنه ينقرض الجيل المؤمن، الراسخ في العلم، ويخلفه السفهاء الذين طاشت أحلامهم، وخفت أجسامهم، وقويت ضراوتهم، وأسفوا إلى مستوى الحيوانات، وفقدوا صلاحية التمييز بين الخير والشر، فلا هم لهم إلا ابتزاز الأموال، والتهام الحرام، فيأتيهم الشيطان، ويقول لهم: إنه من العار أن يعيش الإنسان بلا دين وطريق، فيقبلون على الدين، ويبحثون عنه، ولكنهم لا يصدرون عن كلام اللَّه ورسوله، بل يحكمون عقولهم (الحيوانية الصبيانية) فيخترعون طرقا في الدين، ويتردون في مستنقع الشرك، فيوسع لهم في الرزق، ويطيب عيشهم، فيزدادون بذلك إيغالا في الشرك، وبعدا عن الهدى، اغترارا بأنهم كلما ازدادوا هياما بهذه الأنصاب والأوثان، ازدادوا سعة في الرزق، ونجاحا في المآرب.
فيجب أن يحذر الإنسان مكر اللَّه، لأن العبد قد يكون مشركا، طالبا من غير الله تحقيق أمانيه، وقضاء مآربه، فيقضي اللَّه حاجاته، ويعطيه سؤله امتحانا وإمهالا، ويحسب أنه يحسن صنعا، فلا يثق الإنسان بالنجاح ولا بالخيبة في الأماني والرغبات ولا يجعلهما ميزانا لخير أو شر،
1 / 144