تخصيص الحيوانات للصالحين، والتقرب باحترامها ونذرها وذبحها إليهم حرام:
قال اللَّه تعالى: ﴿أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [الأنعام: ١٤٥] .
والمراد به دابة أو حيوان خصص لغير اللَّه، فلا يمس بسوء، ويعيش مدللا محترما، وإذا ذبح ذبح إرضاء لمن خصص به، وتقربا إليه (١)، فإنه حرام ونجس، كالخنزير، والدم، والميتة، لا فرق بينها وبين هذا الحيوان، ولم تقيد الآية بأن يذكر عليه اسم مخلوق عند الذبح (٢)، بل
_________
(١) قد شدد فقهاء المذاهب التي عليها الاعتماد، وعلماء الإسلام الذين يحتج بقولهم، على حرمة هذا الفعل، وألحق كثير منهم هذه الحيوانات بالميتة، وغير المذكى، راجع تفسير آية: وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ في كتب التفسير، وأحكام القرآن، راجع كتب الفقه في المذاهب الأربعة وغيرها، وقد أفاض في تحقيقه الشيخ عبد العزيز بن ولي اللَّه الدهلوي في تفسير فتح العزيز وأجاد، فليراجع. وقد بالغ الفقهاء في المنع عن الذبح لغير اللَّه تعظيما وإجلالا، حتى حرموا ما يذبح لقدوم أمير أو عظيم تقربا إليه وتعظيما له، جاء في الدر المختار ج ٥، ص ١٩٦ على هامش رد المحتار: (ذبح لقدوم الأمير ونحوه) كواحد من العظماء (يحرم) لأنه أهل به لغير اللَّه، (ولو ذكر اسم اللَّه تعالى)، انتهى. وعلى ذلك اتفق المشايخ المحققون، والراسخون في العلم، يقول الإمام أحمد بن عبد الأحد السرهندي في رسالة كتبها إلى امرأة صالحة من أتباعه: «اعتاد كثير من الجهال أن ينذروا حيوانات لمشايخهم، وللصالحين، والأولياء، ويسوقونها إلى قبورهم فيذبحونها، وقد عده الفقهاء فيما نقل عنهم شركا، وشددوا في ذلك، وصرحوا بالتشنيع عليه، والتحذير منه، وقد عدوا ذبح هذه الحيوانات من ضمن الذبائح التي كان يذبحها المشركون للجن طمعا في رضاهم، وخوفا من سخطهم، (مكتوب رقم ٤١ / ٣٥) .
(٢) راجع في فتح العزيز للإمام عبد العزيز بن ولي اللَّه الدهلوي (ص ٤١٥ المطبعة المحمدية) تفسير قوله تعالى: وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ تجد بحثا وافيا في هذا الموضوع، ونقولا عن أئمة المذاهب وكبار المفسرين.
1 / 136