ونقلنا بعض المقتطفات من كلام بعض أعلام هذه الأمة وأئمتها تأييدًا لبعض ما ورد في هذا الكتاب من تعبيرات وعبارات لم يألفها كثير من الناس لشيوع الأساليب الإصلاحية في العهد الأخير، التي تعتمد على مجاراة العواطف، ومسايرة المعروف المألوف، إيثارًا لتوسيع الدعوة على تعميقها، وتبليغ العقيدة على ترسيخها، وجلب المنفعة على دفع المضرة،
وتفاديًا من وحشة الناس، وسخط العامة، ولكل وجهة هو موليها.
ويعرف القارئ العربي من خلال هذا الكتاب، وما ورد فيه من ذكر أنواع الانحراف والضلال، وتقليد الأكثرية من سكان الهند، مدى تغلغل الحضارة الهندية، والعادات الجاهلية والتقاليد الوطنية في أحشاء المجتمع الإسلامي الهندي، وخضوع المسلمين في هذه البلاد، للفلسفة الهندية البرهمية، والهند - كما يعرف المطلع على التاريخ القديم - من أعرق بلاد اللَّه في الوثنية، فهي فيها قديمة وأصيلة، إذ كانت في كثير من البلاد جديدة ودخيلة، وقد عجنت فلسفتها وحضارتها، وآدابها، وعلم الفلك، والعلوم الرياضية، والتقويم، فضلًا عن الديانات، بهذه الوثنية، فهي أرض المؤلهين والمؤلهات، وأرض الأساطير والروايات، وأرض الأعياد والمواسم، والمهرجانات والمآتم، تذكارًا لحوادث تاريخية دينية، وأبطال قومية خرافية، أثر كل ذلك في حياة المسلمين وعاداتهم تأثيرا عميقًا، وغم عليهم الأمر على مدى الأيام، والتبس الحق بالباطل بتهاون الحكام والسلاطين، وقلة انتشار علم الحديث، وكتب السنة الصحيحة، ورواجها، وشدة اختلاط المسلمين بجيرانهم في كل مدينة وقرية، وحي وزقاق، حتى قيض اللَّه للصدع بالدعوة، وتمييز الحق من الباطل،
والقشور من اللباب رجالًا من علماء الدين، والدعاة المرشدين.
وكان ذلك من أقوى الأسباب التي حملت مؤلف هذا الكتاب - وقد نشأ في بيئة هندية خالصة، وفي مركز هذه الحضارة - على أن يكون صريح العبارة، قوي العارضة، مرهف الحس في هذا الموضوع، لا يحتفل بالنقد واللائمة، ولا يبالي
1 / 31