57

فصل

حضرت مجلسا حضره المعتزلة والمجبرة فقال بعض المجبرة: أنزل الله تعالى القرآن بعضه متشابها ليضل الناس عن الدين، ولو أراد هديهم لأنزله محكما. فقال المعتزلي: كذبت بل أنزله الله كذلك ليدبروا آياته وليعلموا الحق ويميزوا المحكم ويردوا إليه المتشابه ليستحقوا الثواب، كما وصفهم بأنهم الراسخون في العلم وكيف يقال هذا والله تعالى يقول: { تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة } وقال: { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} فبهت.

وسئل مجبر: ما تقول، القرآن مخلوق؟

قال: لا.

قال: لم؟

قال: لأنه لو كان مخلوقا لكان ابن عم الخليفة، لأنهما عربيان مخلوقان.

قال: فقل قصيدة امريء القيس بنت عم الخليفة.

فانقطع.

قيل لأبي مجالد: أأنت تقول القرآن مخلوق؟.

قال: لا.

فقيل: أتقول إنه خالق؟.

قال: هو شر.

قال: فإذا كان لا خالق ولا مخلوق فكيف تقول ؟.

وقيل لمعتزلي: ما تقول في القرآن؟.

قال: لا اعرف غير شيئين خالق ومخلوق، فانظروا أيهما هو.

ودخل أحمد بن حنبل على بعض الولاة تشبه بمصاب.

فقال: ما بالك؟.

فقال: وقعت مصيبة عظيمة!

قال: وما هي؟

قال: مات القرآن!

قال: كيف وكيف؟

قال: إذا كان مخلوقا جاز أن يموت.

قال: ليس هو حيا حتى يموت إنما هو كلام.

فانقطع.

وقيل لمجبر: القرآن معجز؟

قال: نعم.

قال: فمن شرط المعجز أن يكون عقيب الدعوى ويختص بالمدعي، والقديم لا يختص. فسكت

وسأل عدلي مجبرا: هل يقدر الله أن يكلم أحدا؟

فقال: لا، لأن الكلام ليس بمقدور له.

فقال: هو أضعف من العباد؟

فقال: بل هو أقدر.

فقال: قد قلت: إن الكلام مقدور.

فانقطع.

وحكى بعض مشايخ المجبرة أن إبراهيم الخواص رأى رجلا مصروعا فأذن في أذنه، فناداه الشيطان من جوفه: دعني أقتله فإنه يقول القرآن مخلوق.

فقال معتزلي: إن كان الشيطان يقدر على القتل فهلا قتل جماعة المعتزلة، ولكن الحمد لله حيث لم نوافق الشيطان ووافقتموه أنتم. فانقطع.

Bogga 64