223

Risala Fi Lahut Wa Siyasa

رسالة في اللاهوت والسياسة

Noocyada

وفيما بعد، عندما دالت دولتهم ووقعوا في الأسر وسيقوا إلى بابل، أمرهم إرميا بالمحافظة على مصلحة هذه المدينة التي حجزوا فيها أسرى. وأخيرا، فعندما رآهم المسيح أخيرا مشتتين في أنحاء الأرض، دعاهم إلى الإحسان لجميع الناس بلا استثناء، كل ذلك يبين بوضوح تام أن التوفيق بين الدين وبين المصلحة العامة كان أمرا ضروريا على الدوام.

فإذا سأل سائل: بأي حق بشر تلامذة المسيح بالدين وهم مجرد أفراد عاديين؟ أجبت بأنه كان لهم الحق في ذلك بناء على السلطة التي أعطاهم إياها المسيح على الأرواح الدنسة (انظر: متى، 10: 1)،

10

وقد بينت بصراحة من قبل، في آخر الفصل السادس عشر، أنه إذا كان جميع الرعايا مضطرين إلى الالتزام بالولاء حتى للطاغية، فيجب أن يستثنى من ذلك كل إنسان وعد الله بمساعدته - بوحي يقيني - ضد الطاغية. وعلى ذلك، فليس لأحد أن يعطي نفسه سلطة تلامذة المسيح إلا إذا استطاع إثبات ذلك بالمعجزات، وهذا يتضح أيضا من قول المسيح لتلامذته (انظر متى، 10: 28):

11

إنه لا ينبغي لهم أن يخشوا من يقتلون الأجساد، فلو كانت هذه الموعظة موجهة إلى جميع المؤمنين، لما ظل لتأسيس الدولة أي معنى، ولكانت عبارة سليمان (الأمثال، 24: 31): «يا بني اتق الرب والملك.» تدل على الفسوق، وهذا غير صحيح. فيجب إذن أن نعترف بأن هذه السلطة التي أعطاها المسيح لتلامذته قد أعطيت لهم شخصيا وليس من حق أي إنسان آخر أن يسمح لنفسه بمثلها.

أما أنصار الدعوة المعارضة التي تفرق بين القانون الوضعي

12

والقانون الديني، ويجعلون الأول من حق الحاكم وحده، والثاني من حق الكنيسة الشاملة، فقد قدموا حججا لن أقف عندها لأنها أتفه من أن تستحق التفنيد. ولكن هناك نقطة واحدة لا يصح السكوت عليها، وهي الخطأ المؤسف الذي وقع فيه أولئك الذين يستشهدون من أجل تأييد رأيهم الهدام (وليعذرني القارئ لاستخدامي هذا اللفظ العنيف) بحالة كعب الأحبار عند العبرانيين، الذي كان له الحق، قديما، في تنظيم شئون الدين وينسون أن الأحبار قد حصلوا على هذا الحق من موسى (الذي رأينا أنه احتفظ لنفسه وحده بسلطة الحكم العليا) وأن موسى كان يستطيع، بمجرد إبداء مشيئته، أن يسحب منهم هذا الحق، فهو الذي اختار هارون وابنه العازر

13

Bog aan la aqoon