Risala Fi Bayan Kayfiyyat Intishar Adyan
رسالة في بيان كيفية انتشار الأديان
Noocyada
وبين أهل مكة في السنة السادسة من الهجرة، وأبيح بها الاختلاط بين المسلمين والمشركين فعقب هذا الاختلاط حرية التبادل الفكري حيث زالت موانعه بزوال تعصب قريش وامتناعهم من مخالطة المسلمين أو معاملتهم إلا بما يكرهون، فكان من ذلك أن تغلبت الحجة الإقناعية على ضمائر العقلاء من المشركين فأسلم كثير، وفيهم من الوجوه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
وكان النبي
صلى الله عليه وسلم
في غضون ذلك يكاتب ملوك الأقطار كقيصر والنجاشي والحارث الغساني والمقوقس، يدعوهم إلى الإسلام تعميما لدعوته وإعلانا لأمر ربه بين الأمم والشعوب، وهو يتلو عليهم قوله تعالى:
قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ، وكاتب أيضا غير هؤلاء ممن ليسوا من أهل الكتاب ككسرى والمنذر بن ساوي وهوذة الحنفي وغيرهم من الملوك، ثم جعل نصب عينيه قريشا الذين كانوا مناصبيه الحرب والحائلين بينه وبين سائر الناس، فغزاهم في مكة فأظهره الله عليهم فأذل طغيانهم وكسر أصنامهم، ولما علموا أن الله غالب على أمره وأن الدين عند الله الإسلام أخذوا يقبلون عن طيب خاطر على الدخول في الإسلام، وبدلوا كفرهم بالإيمان وعنادهم بالتسليم لما جاء به من لدن الرحمن الرحيم، حيث لم يوقنوا بصدق نبوته وصحة رسالته إلا بعد أن غلبهم على أمرهم في البيت المعمور والمكان المقدس المشهور، فلما رأى العرب إسلام من أسلم من قريش وزوال الفتنة بزوال أهل الفساد والشر منهم - وكانت العرب تنتظر بإسلامها قريشا؛ إذ كانوا أئمة الناس وصريح ولد إسماعيل - أخذت تفد وفودهم على النبي
صلى الله عليه وسلم
من كل وجه مظهرين لديه الإسلام راغبين بتعليم شريعة خير الأنام ، فقدم عليه وفد ثقيف وفيهم من الأحلاف عبد ليلى بن عمرو بن عمير والحكم بن عمرو بن وهب وشرحبيل بن غيلان، ومن بني مالك عثمان بن أبي العاص وأوس بن عوف ونمير بن خرشة، وقدم وفد بلي ووفد أسد ووفد الزاريين وهم عشرة نفر، ووفد بني تميم مع حاجب بن زرارة وغيره ومعهم عيينه بن حصن الفزاري، وفيهم أنزل الله تعالى:
إن الذين ينادونك من وراء الحجرات ، الآيات، وقدم وفد بني فزارة وفيهم خارجة بن حصن ووفد بني ثعلبة بن منقذ، وقدم رسول ملوك حمير بكتبهم مقرين بالإسلام، ووفد سعد بن بكر وكان وافدهم ضمام بن ثعلبة، فسأل رسول الله
صلى الله عليه وسلم
عن شرائع الإسلام وأسلم، فلما رجع إلى قومه اجتمعوا إليه فكان أول ما تكلم به أن قال: بئست اللات والعزى، فقالوا: اتق البرص والجذام والجنون، فقال: ويحكم، إنهما لا يضران ولا ينفعان، وإن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابا، وقد استنقذكم مما كنتم فيه وأظهر إسلامه فما أمسى ذلك اليوم في حاضره رجل مشرك ولا امرأة مشركة.
Bog aan la aqoon