ولقد قال فيه الحافظ ابن الزملكاني أحد معاصريه: لقد ألان الله له العلوم كما ألان لداود الحديد^(١).

في مجال العقيدة:

لقد ساد ابن تيميَّة رحمه الله في هذا المجال، وصال فيه وجال، وصنَّف وأجاد وأفاد، ونصر السنّة بأوضح حُجج وأبهر براهين حتى أحيا مذهب السلف بعدما كاد يندرس، ونصره بطرق وأدلة لم يسبقه إليها أحد. وحاول تخليص العقيدة الإسلامية ممَّا شابها من فساد وران عليها من أدران الفلسفة الدخيلة والجدل البغيض، ولا أدلّ على ذلك من أنه كتب العقيدة الحموية الكبرى في قعدة بين الظهر والعصر وذلك سنة ٦٩٨ هـ.

ولقد أوذي في ذات الله من المخالفين وأُخيف في نصر السنّة المحضة حتى أعلى الله مناره، وجمع قلوب أهل التقوى على محبّته والدعاء له.

ولقد كان رحمه الله تعالى سيفاً مسلولاً على المخالفين، وشجاً في حلوق أهل الأهواء والمبتدعين، وإماماً قائماً ببيان الحق ونصرة الدين، طنّت بذكره الأمصار، وضنَّت بمثله الأعصار.

قال الصفدي: وأما الملل والنحل ومقالات أرباب البدع الأول، ومعرفة أرباب المذاهب وما خصّوا به من الفتوحات والمواهب، فكان في ذلك بحراً يتموّج، وسهماً ينفذ على السواء لا يتعرّج^(٢).