Riqqa Wa Buka
الرقة والبكاء لابن قدامة
Baare
محمد خير رمضان يوسف
Daabacaha
دار القلم،دمشق،الدار الشامية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
Goobta Daabacaadda
بيروت
خَالَتِي كُنْتُ أَنَا أَكْفِيكَهُ.
قَالَ: فَأَخَذَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ الْحَرْبَةَ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمَا، فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا مُتَشَتِّمًا.
قَالَ: وَقَدْ قَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ حِينَ رَأَى أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ: هَذَا سَيِّدٌ مِنْ سَادَاتِ قَوْمِي، لَهُ شَرَفٌ وَخَطَرٌ، فَابْلُ اللَّهَ فِيهِ خَيْرًا.
فَقَالَ: إِنْ يَسْمَعْ مِنِّي أُكَلِّمْهُ.
قَالَ: فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِمَا كَلَّمَهُمَا كَلامًا فِيهِ غِلْظَةٌ، فَقَالَ لَهُ مُصْعَبٌ: أَوَ تَجْلِسُ فَتَسْمَعُ؟ فَإِنْ سَمِعْتَ خَيْرًا قَبِلْتَهُ، وَإِنْ سَمِعْتَ شَيْئًا تَكْرَهُهُ أَوْ خَالَفَكَ أَعْفَيْنَاكَ مِمَّا تَكْرَهُهُ، فَقَالَ: مَا بِهَذَا بَأْسٌ، ثُمَّ رَكَزَ حَرْبَتَهُ، وَجَلَسَ، فَتَلا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، وَكَلَّمَهُمْ بِالإِسْلامِ.
قَالَ: فَوَاللَّهِ لَعَرَفْنَا فِيهِ الإِسْلامَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، بِإِشْرَاقِ وَجْهِهِ وَتَسَهُّلِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا الْقَوْلَ، فَدَخَلَ فِيهِ، فَأَمَرُوهُ، فَتَشَهَّدَ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوهُ؟ قَالا لَهُ: تَقُومُ فَتَغْتَسِلُ، ثُمَّ تُطَهِّرُ ثَوْبَيْكَ، وَتَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ، وَتَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ.
قَالَ: فَفَعَلَ، ثُمَّ خَرَجَ رَاجِعًا، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُقْبِلا، قَالَ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ وَلَقَدْ رَجَعَ إِلَيْكُمْ أُسَيْدٌ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ مِنْ عِنْدِكُمْ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ، قَالَ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: كَلَّمْتُ الرَّجُلَيْنِ، وَقُلْتُ لَهُمَا نَحْوًا مِمَّا قُلْتَ لِي فَكَلَّمَانِي بِكَلامٍ رَقِيقٍ، وَزَعَمَا أَنَّهُمَا سَيَتْرُكَانِ ذَلِكَ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَنِي حَارِثَةَ قَدْ سَمِعُوا بِمَكَانِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ فَأَجْمَعُوا لِقَتْلِهِ، وَهُوَ ابْنُ خَالَتِكَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِخْفَارِكَ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ بِهِ حَاجَةٌ فَأَدْرِكْهُ، قَالَ: فَوَثَبَ، وَأَخَذَ الْحَرْبَةَ مِنْ يَدْ أُسَيْدٍ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَاكَ أَغْنَيْتَ شَيْئًا، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى جَاءَهُمَا، فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا مُتَشَتِّمًا، فَقَالَ لأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ: أَجِئْتَنَا بِهَذَا الرَّجُلِ الْغَرِيبِ تُسَفِّهُ بِهِ سُفَهَاءَنَا وَضُعَفَاءَنَا؟ وَاللَّهِ لَوْلا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ مِنَ الرَّحِمِ مَا تَرَكْتُكَ وَهَذَا، وَقَدْ قَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ لِمُصْعَبٍ حِينَ رَأَى سَعْدًا
1 / 122