لماذا كان من الضروري أن يخدع أي أحد؟
وبينما كانت الطائرة تدور لتهبط بهم استيقظ تاد، ومن دون أن ينظر من النافذة بدأ يعدل من ربطة عنقه ويسوي شعره. يبدو أن حاسة سادسة في ذهن الطيار ظلت تحسب السرعة والمسافة والزاوية حتى وهو غير واع.
قال تاد: «عدنا إلى أضواء لندن وويستمرلاند العتيقة.»
فقال جرانت: «لا يلزمك أن تعود إلى فندقك. يمكنني أن أعطيك سريرا.» «هذا لطف بالغ منك يا سيد جرانت، وأقدر لك ذلك. لكن لا يلزم أن أرهق زوجتك ... أو ... أو أيا كان الشخص الذي ...» «مدبرة منزلي.» «لا يلزم أن أرهق مدبرة منزلك.» ثم قال وهو يربت على جيبه: «لدي من المال الكثير.» «حتى بعد - كم كانت المدة؟ - أسبوعين في باريس؟ أهنئك.» «أوه، حسنا. لا أظن أن باريس كما اعتدناها أن تكون. أو ربما الأمر فحسب أنني افتقدت بيل. على أي حال، لا أريد أن أرهق أي أحد بإعداد سرير من أجلي، ومع ذلك شكرا لك. وإن كنت ستغدو منشغلا فلن ترغب في أن أكون في الجوار. لكنك لن تستبعدني من هذا الأمر، أليس كذلك؟ ستبقيني «معك»، كما يقول بيل. أقصد، كما كان يقول.» «سأفعل بالتأكيد يا تاد، سأفعل بالتأكيد. لقد ألقيت طعما في فندق في أوبان، واصطادك من بين جميع الناس في هذا العالم. وبالتأكيد لن أتركك الآن.»
افتر ثغر تاد عن ابتسامة خفيفة. ثم قال: «أظن أنك تعرف ما تتحدث عنه. متى ستلتقي بذلك الرجل لويد؟» «هذا المساء إن كان في بيته. أسوأ ما في المستكشفين أنهم إن لم يكونوا يستكشفون فإنهم يلقون محاضرات؛ لذا قد يكون في أي مكان بين الصين وبيرو. ما الذي أجفلك؟» «كيف عرفت أنني أجفلت؟» «عزيزي تاد، إن محياك البشوش المرح لم يخلق من أجل البوكر ولا الدبلوماسية.» «لا، كل ما في الأمر فقط أنك اخترت مكانين كان بيل يختارهما دائما. كان معتادا على أن يقول: «من الصين إلى بيرو».» «أحقا كان يفعل ذلك؟ يبدو أنه كان يعرف الكاتب الذي يحبه حق المعرفة.» «الكاتب الذي يحبه؟» «أجل. هذا اقتباس. من صامويل جونسون.» «أوه. أوه، فهمت.» بدا تاد خجلا بعض الشيء. «إن كنت لا تزال تشك بأمري يا تاد كولين، فمن الأفضل أن تأتي معي الآن إلى سكوتلانديارد في إمبانكمنت ليشهد بعض زملائي لي.»
استحال شحوب وجه السيد كولين إلى تورد شديد. وقال: «أنا آسف. للحظة ظننت ... بدا الأمر وكأنك كنت على معرفة ببيل. اغفر لي شكوكي يا سيد جرانت. أنا مرتبك تماما، كما تعرف. فأنا لا أعرف أي أحد في هذا البلد. ويتعين علي أن آخذ الناس بما يبدونه لي. أقصد ظاهريا. بالطبع، أنا لست متشككا بشأنك. بل أنا ممتن لك كثيرا حتى إنني أعجز أن أجد الكلمات المناسبة لوصف امتناني. صدقني في ذلك.» «بالطبع أصدق ذلك. كنت فقط أمازحك، ولم يكن من حقي ذلك. سيكون غباء منك ألا تكون متشككا. هاك عنواني ورقم هاتفي. سأهاتفك بمجرد أن ألتقي بلويد.» «ألا تظن أنه ينبغي أن آتي معك؟» «لا. أظن أن وفدا من اثنين سيكون كثيرا بعض الشيء على مناسبة تافهة كهذه. ما الوقت الذي ستتواجد فيه في ويستمرلاند مساء اليوم حتى يمكنك أن تتلقى اتصالا هاتفيا؟» «سيد جرانت، سأجلس ويدي على الهاتف حتى تتصل.» «من الأفضل أن تتناول بعض الطعام. سأهاتفك في الثامنة والنصف.» «حسنا. الثامنة والنصف.»
كانت لندن عبارة عن لون رمادي ضبابي بزركشة قرمزية، فأخذ جرانت يتطلع إليها بكثير من المودة. كانت ممرضات الجيش يرتدين تلك الأزياء الخاصة؛ باللونين الرمادي والقرمزي. وبطرق ما كانت لندن تبث في نفس المرء إحساس الحظوة والقوة نفسه الذي كان يتماشى مع هذا الزي الموحد للممرضات الشبيه بزي الراهبات. أحاسيس الجلال، والعطف الكامن تحت اللامبالاة السطحية، والجدارة بالاحترام التي تعوض عن الافتقار إلى الزخارف الجميلة. أخذ جرانت يشاهد الحافلات الحمراء وهي تجعل اليوم الغائم أكثر جمالا، وباركها. يا له من أمر سعيد أن تكون حافلات لندن حمراء اللون! كانت الحافلات في اسكتلندا مطلية بأكثر الألوان بؤسا؛ اللون الأزرق. لون بائس كثيرا، حتى إنه كان مرادفا للاكتئاب. لكن الإنجليز، باركهم الرب، كان لديهم أفكار أكثر مرحا.
وجد السيدة تينكر تفرغ محتويات غرفة النوم الإضافية من أجل تنظيفها. لم تكن توجد أدنى حاجة لأي أحد أن ينظف غرفة النوم الإضافية، لكن السيدة تينكر كانت تحصل من تنظيف الغرف على المتعة نفسها التي يحصل عليها الناس من كتابة سيمفونية أو الفوز بكأس في لعبة الجولف أو عبور القنال الإنجليزي سباحة. كانت تنتمي لذلك الصنف الغفير الذي وصفته لورا بإيجاز دقيق قائلة: «من نوعية النساء اللواتي ينظفن عتبة المنزل كل يوم وشعرهن كل ستة أسابيع».
أتت السيدة تينكر إلى باب غرفة النوم الإضافية حين سمعت المفتاح يدخل في القفل وقالت: «الآن جئت! ولا يوجد أي طعام في المنزل! لماذا لم تعلمني بأنك ستعود من خارج البلاد قبل أن تأتي؟» «لا بأس يا تينك. لا أريد طعاما الآن على أي حال. لقد عرجت فقط من أجل أن أترك أمتعتي. أعدي شيئا من الطعام واتركيه لي حين تغادرين، حتى يكون هناك شيء أتناوله الليلة.»
كانت السيدة تينكر تعود إلى منزلها كل ليلة؛ من ناحية لأنه كان يتعين عليها إعداد وجبة العشاء لشخص أشارت إليه باسم «تينكر»، ومن ناحية أخرى لأن جرانت كان يحب دوما أن يكون وحده في شقته في المساء. لم يلتق جرانت «تينكر» هذا قط، ويبدو أن صلة السيدة تينكر الوحيدة به كانت تتألف من مسألة إعداد وجبة العشاء وبعض الأمور الزوجية. كانت حياتها الحقيقية في 19 تينبي كورت، المنطقة البريدية الجنوبية الغربية 1.
Bog aan la aqoon