وكان لقائي الأول له في مجلس الآنسة «مي» بمسكنها الأول عند ضريح الشيخ «المغربي»، وهو من مزارات القاهرة في حي من أحيائها التي تسمى بالأفرنجية.
وقد ساقنا الحديث عن الضريح المعترض في غير مكانه إلى الحديث عن الخرافات التي تروى عن كرامات الأولياء، واستطرد به هذا الحديث إلى ذكرياته عن مجلس الأعيان بالعاصمة التركية يوم كان عضوا من أعضائه العرب في عهد السلطان «عبد الحميد».
قال: «إن قطعة من قطع الأسطول العثماني احترقت، فقام أحد زملائه في المجلس يقترح على الوزارة أن تشتري من كتاب البخاري نسخا بعدد قطع الأسطول، تودعها فيها، أمانا من الحريق وضمانا للسلامة.»
فوثب «الزهاوي» ليرد على الزميل، وليقول له: «إن السفن الحربية لا تسير في هذا الزمن بالبخاري، وإنما تسير بالبخار!»
وقد وثب «الزهاوي» وهو يعيد هذه القصة ما استطاع الوثوب.
وداعبته قائلا: «وهل سلمت من عاقبة هذا التجديف ؟»
قال في غير تمهل: «إن لم أسلم فإنني لم أندم!»
وأعجبت الآنسة «مي» بحديثه، فأولعت به تستثيره لمناقشتي في مسألتين لم يكن بيننا قط وفاق على واحدة منهما: مسألة الألم، ومسألة المرأة.
فقد كانت تدين بأن الألم طبيعة الحياة، وكنت أعود بقضية الألم إلى قضية المرأة كلما سمعتها تردد هذه العقيدة، فما هي إلا طبيعة الشكوى التي تحلو لبنات حواء، وطبيعة الحنان الذي يسرها أن تعطيه كما يسرها أن تتلقاه.
أما الخلاف على قضية المرأة، فقد كنت فيها مع السيدة والدة الآنسة طرفا واحدا تنفرد أمامه الآنسة وحدها كلما اختلفنا على كفاية المرأة للنيابة وللانتخاب، في إبان معركة الدستور.
Bog aan la aqoon