الامتداد اللا نهائي للزمان والمكان يبدو كالمستحيل أمام عقلي، فكيف يمكن ألا تكون هناك نهاية لأي شيء؟ الخط المستقيم له بداية ونهاية، لكن الدائرة ليس لها نقطة تبدأ بها، ولا تنتهي أيضا عند نقطة، وأي نقطة فوق الدائرة يمكن أن تكون هي البداية أو النهاية. لا فرق، وإذا أصبحت البداية هي النهاية فلا وجود لكليهما، فلماذا لا أتعامل مع الكون على أنه دائري الشكل بلا بداية وبلا نهاية؟
وإذا كان الشكل دائريا فلماذا لا يكون المعنى أيضا دائريا؟ بلا نقطة بداية أو نهاية، ويظل السؤال بلا جواب واحد محدد، ويصبح للحقيقة الواحدة أبعاد متعددة، وإذا تعددت الحقيقة فليس هناك حقيقة واحدة، وإذا تعدد الكون فليس هناك كون واحد.
ألكل إنسان حقيقة؟ ولكل إنسان الكون الذي يراه؟ وما يراه جاكسون بولوك ليس هو الكون الذي رآه بول سيزان؟ والكون في عيني بول سيزان لم يكن هو الكون الذي رآه أساتذة الرسم في المدرسة العليا للفنون الجميلة في باريس. كانوا يتصورون أن الكون واحد، وكان الفن لا يزال محدودا بالتصور القديم للكون الواحد كما ورد في الكتاب المقدس، والصراع بين المقدس والحقيقي كان واضحا في خطوط بول سيزان، ونجح كل التلاميذ في امتحان القبول إلا هو، لم يدخل مدرسة، ولم يقتل المدرسون في فنه الصراع، أعطوه صفرا في الامتحان، ونجت خطوطه من الموت في سجون الأكاديمية، وخلق كونا جديدا، ولم يعد الفن من بعده مقلدا للطبيعة، أصبح ذا طبيعة جديدة.
وعلى إحدى اللوحات نقشت حروف جاكسون بولوك: اللوحة صراع.
وأفقت على صوت ماريون يقول: أتفهمين شيئا من هذه الخطوط؟
وقلت: لا أظن، ولكني أحاول.
ومرت لحظة صمت ثم سألتها: وما هي مادة الصراع؟
وقالت ماريون: أي صراع؟
قلت: مادة الفن الحديث. إنها فلسفة جديدة، ليست خامات أو أدوات حديثة.
قالت: وما هي الفلسفة الجديدة في هذه الخطوط العشوائية بلا شكل وبلا معنى، أنا لا أفهم شيئا من هذا العبث، وسكتنا لحظة نتأمل الخطوط.
Bog aan la aqoon