والشحم ، وهي التي ينذرها الفقراء لبلوغ مرامهم. خاصة في مرضهم ، فإنهم يعتقدون أن الحجرة كانت قاعدة تمثال لأحد القديسين شوهه الترك ، ولهذا فهم يكرمون القاعدة كما لو كان ذلك التكريم للتمثال ذاته. وقد ترى أيضا بعض الأحرف اللاتينية ، غير أن نصفها ممحو ، وأجزاء بعض الحروف الباقية مكسورة ، ولهذا لم أستطع أن أعرف لمن هذا التمثال. وعلى بعد نصف فرسخ من نصيبين نهر عليه قنطرة من الحجر ، وفي الطريق إلى هذا النهر عدة قطع من جدار ، مع قوس ، وهذا حملني على الافتراض بأن المدينة كانت تمتد فيما مضى حتى النهر.
وعلى ضعفي رمية بندقية من النهر ، صخرة نصفها مطمور ، عليها كتابة لاتينية يؤخذ منها أنها شاهد قبر قائد فرنسي في الجيش. ولكنني لم أتمكن من قراءة اسمه الذي ضاعت بعض معالمه بمرور الزمن.
وفي نصيبين ، تؤدى الرسوم كسائر الأمكنة ، أي أن تدفع قرشين ونصف القرش على حمل البغل أو الحصان. وقد مكثنا في هذه المدينة ثلاثة أيام بلياليها ، لنتزود بالطعام الذي يكفينا حتى الموصل التي تبعد مسيرة خمسة أيام عن نصيبين ، لأن المنطقة بين هاتين المدينتين مقفرة خالية من السكان ، ولا يوجد الماء إلا في موطنين ، وهو ليس بالجيد لأن الرعاة يترددون إليهما بقطعانهم.
وفي أول نيسان (سنة 1644 م) غادرنا نصيبين ، وبعد مسيرة إحدى عشرة ساعة ، حططنا الرحال عند نهر ، فأتانا الرعاة بدجاج للبيع.
وفي اليوم الثاني منه ، سرنا عشر ساعات ، ثم نزلنا قرية حقيرة لم نجد فيها ما نأكل.
وفي اليوم الثالث منه ، تمادى بنا السير ثلاث عشرة ساعة ، ونزلنا عند ينبوع صغير نزر الماء لم يكد يكفي لخيلنا.
وفي اليوم الرابع منه ، انتهينا بعد مسيرة عشر ساعات ، إلى ضفة نهير بتنا عندها ، وبالقرب منها بقايا قنطرة (1) وحصن.
Bogga 40