وفي السادس من آذار ، غادرت حلب برفقة اثنين من الرهبان الكبوشيين ، وهما الأب روفائيل والأب ايفس ( Yves ) وبندقي اسمه دومنيكو دي سنتيس. ( Dominico de Santis )
ومن حلب إلى البيرة (1) (Bir) القائمة عند معبر الفرات ، مسيرة أربعة أيام للراكب ، والبقعة كثيرة الأحراش وفيرة الزروع.
وفي السابع من آذار ، أعاقنا المطر الغزير عن بلوغ المحطة المعتادة ، فلم نصل إلى تل باشر (2)، البلدة التي تلي البيرة ، ولما لم نجد خانا نبيت فيه ، اضطررنا إلى الوقوف على بعد فرسخ منها في هذا الجانب واللجوء إلى كهف يسع ثلاثمائة حصان ، وهو كهف يلجأ إليه غالبا البدو أو رعاة البقر الذين يعيشون عيشة الأعراب ، إما في كهوف أو في أكواخ حقيرة. وكان النقر قد تمادى في هذا الكهف ، فكثرت فيه التجاويف التي صارت تبدو غرفا صغيرة. أما رئيس قافلتنا (الكروان باشي) فإنه حذرنا من وجود كمين في ذلك الكهف سبقنا لاستطلاع المكان ، فوجده خاليا خاويا ، فاسترحنا هناك تلك الليلة. وفي الليلة الثانية ، نزلنا في ميزار ( Mezara ) وهي قرية صغيرة لا خان فيها. ولم نمر في طريقنا إليها بما يستحق الذكر. إلا أن قرب الكهف ، في الجبل ، ماء طيبا قراحا. وكان فوق الجبل سابقا حصن لا تزال بعض أخربته بادية للعيان. وتشرف قمته بامتداد البصر على منظر جميل أخاذ. فهناك حيث توجهت السهول اليانعة ، والأراضي الخصبة التي تسقيها جداول مختلفة يأتي ماؤها من الفرات. كما أن كل النهيرات التي تعبرها من حلب إلى البيرة مستمدة من الفرات ذاته.
وفي اليوم الرابع من مغادرتنا حلب ، وهو اليوم التاسع من آذار ، بلغنا
Bogga 30