ومن البصرة إلى فم نهر الفرات (1) عشرون فرسخا من الماء العذب. لقد انتظرنا مواتاة الرياح لنا سبعة أيام كاملة ، لنتمكن من الإقلاع بسفينتنا. ثم وصلنا إلى بندر ريك (2) ( Bander Ric) بثمان وأربعين ساعة. هذا هو المكان الذي يجب أن تنزل فيه إن قصدت بلاد فارس ، ما لم تكن مستهدفا هرمز. يتألف بندرريك من خمسة أو ستة أكواخ صغيرة لصيادي السمك ، وهذه الأكواخ عبارة عن أغصان مصفوفة أحدها يقابل الآخر ، ومسقفة بمثلها ، حيث يسكنون هم وعائلاتهم. ويؤتى إلى بندر ريك بالتمر محملا على الحمير. وقد اضطررت أن أكتري واحدا منها لعدم تيسر الخيل هناك.
وقضينا ستة أيام في الطريق من بندر ريك إلى كازرون ( Cazeron) (3 )، وهي بقعة جبلية كثيرة الغابات. وعليك أن تقيم في الحقول لعدم وجود الخانات في الطريق. إن هذا الطريق مؤنس في بعض أقسامه ، فهو يمر بضفاف نهيرات عديدة وخلال أحراش مخضرة تكثر فيها السلاحف التي قتلنا منها كثيرا فأكلنا بعضه مع البلا وبدلا من الدجاج ، وشوينا بعضه الآخر مستخدمين العصي مكان السفافيد.
وكازرون بلدة صغيرة حقيرة البناء ، فيها خان واحد لا يفي براحة الغرباء النازلين فيه. ومن كازرون إلى شيراز مسيرة خمسة أيام. والطريق تمر بأرض جبلية كثيرة الحزون ، لم يكن سلوكها ممكنا لو لا همة علي قولي خان حاكم شيراز ، الذي شق فيها طرقا لم تكن من قبل ، وربط الجبال بالقناطر ، ولو لاها لتعذر اجتيازها. وفي وسط الجبال فجوة عريضة يمتد منها سهل محيطه نحو عشرين فرسخا ، لا يسكنه غير اليهود ، وهؤلاء القوم يشتغلون بحياكة الحرير. وفي هذه الجبال تقع أنظارك على خيم ينزل فيها الكلدانيون الذين ينتجعون تلك
Bogga 27