256

وروي أن غزاة النبي صلى الله عليه وسلم لها كانت لست سنين وثلاثة أشهر وواحد وعشرين يوما للهجرة ، وفتحها ، وحقن دماء أهلها اليهود ، وقالوا له : يا محمد إن لنا بالعمارة والقيام على النخل علما فأقرنا ، فأقرهم ، وعاملهم على الشطر من التمر والحب.

فلما كانت خلافة عمر ، ظهر فيهم الزنا ، وكان سمع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» (1) فأجلى عمر رضياللهعنه يهود خيبر إلى الشام ، وقسم خيبر بين المسلمين.

قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر ، ليخرص عليهم ، فقال : إن شئتم خرصت وخيرتكم ، وإن شئتم خرصتم وخيرتموني ، فأعجبهم ذلك ، وقالوا : هذا هو العدل ، هذا هو القسط ، وبه قامت السموات والأرض.

وخيبر موصوفة من القديم بالحمى ، وذلك من كثرة مستنقعاتها ، وفيها اليوم أكرة من السودانيين الزنوج ، لا يقدرون على الإقامة بها لو لا ألفتهم للحمى.

وأما إذا قيض لخيبر وللحجاز إصلاح ، وأعيدت السكة الحديدية إلى مجراها ، وانشعب من عمودها شعبة إلى خيبر ، وعمرها الناس ، فللحمى طرق فنية كثيرة تكفل استئصال جراثيمها تدريجا من إحدار المياه ، وحصرها في القني السائلة ، وغرس الغياض الكثيرة من شجر الأوكاليبتوس ، وتجفيف المناقيع ، وإتقاء الحمى بالكينا ، وغير ذلك مما جرى مثله في أماكن أخرى كانت وبيئة في الماضي ، فصارت مصاح للأجسام.

ولما كنت في المدينة المنورة سنة (1332) قيل لي : إن خيبر هي

Bogga 292