متصلة يتخللها النظم والنثر ، ومقابلة الشيء بمثله من القافية والبحر ، ولا عجب في فصاحة بني شيبة ، وهم لباب قريش ، وخلاصة العرب ، والمقصر فيهم سابق ، حتى لقد قرأت في «بغية الملتمس في تاريخ رجال الأندلس» لأحمد بن يحيى بن أحمد بن عميرة الضبي أن أبا العباس أحمد بن رشيق الكاتب لما كان في سن المراهقة يطلب علم النحو بتدمير من بلاد الأندلس ، دخل عليهم من طريق البحر رجل أسمر ، ذكر أنه من بني شيبة حجبة البيت ، وأنه يقول الشعر على طبعه ، ولا يقرأ ولا يكتب.
وكان يقول : إنه دخل عليه اللحن بدخول الحضر ، وروى ابن رشيق من شعره :
يا خليلي من دون كل خليل
لا تلمني على البكا والعويل
فأنت ترى فصاحة الأمي منهم ، فما ظنك بالمتأدب الذي قرأ العلم وثافن العلماء ، ورأى من رجال الإسلام قصاد البيت الحرام ما لم يتيسر لأحد أن يراه.
ثم إن لهذا البيت من مزية خدمة البيت ما لا يشركهم فيه غيرهم منذ بضعة عشر قرنا ، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة قال لقريش : «ما تظنون؟» قالوا : نظن خيرا ونقول خيرا ، أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت ، قال : «فإني أقول كما قال أخي يوسف عليه السلام ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) [يوسف : 92]» ثم
Bogga 282