172

* عمران الطائف وتقلصه بعد الحربين

وقد كانت الطائف في أيام الدولة العثمانية معمورة حافلة ، قيل لي : إنه كان فيها ما يقرب من خمسة عشر ألف نسمة ، فقد كانت إمارة مكة والولاية وقيادة الجيش والأجناد كلها ، والدوائر الرسمية تنتقل إلى الطائف ، وتقيم بها مدة (6) أشهر ، وكان بسبب ذلك يزداد توارد الخلق عليها من مكة وغيرها ، وتعمر أسواقها ، ويكثر الأخذ والعطاء فيها ، وقيل لي : إنه كانت فيها (15) طبيبا بين ملكي وعسكري ، وكان كل ما يوجد بمكة يوجد فيها.

فبعد الحرب العامة تقلص عمرانها ، وخف قطينها ، حتى عادت كالعرجون القديم ، فلم يبق فيها إلا نحو ألفين إلى ثلاثة آلاف ساكن ، وصارت أكثر البيوت خاوية على عروشها ، فتداعت من نفسها ، ومن البيوت ما عملت فيه القنابر (1) في أثناء حصار العرب للأتراك فيها ، فهذه كانت المرحلة الأولى من مراحل بوارها.

** وأما المرحلة الثانية :

شيخ عتيبة ، والشريف خالد بن لؤي ، وحاصراها بجمع كان يعجز عنها لو صادف فيها حامية مستبسلة ، موطنة نفسها على الكفاح ، لأنها مسورة من كل جهاتها ، وقد كانت فيها مدافع وأعتاد كافية للمقاومة ، فأوقع الله الوهن في قلوب أمراء الحامية ، التي كانت من قبل الملك حسين ، فانهزموا لا يلوون على شيء ، ودخلت عتيبة وأولئك الأعراب الغلاظ الشداد ، ففتكوا بأهلها فتكة شنيعة ، ملأت شناعتها الخافقين ، وقتلوا بضع مئات من الأهالي الوادعين ، وانتهبوا البلدة ، وخربوا ما قدروا على تخريبه.

Bogga 208