Safar Waqtiga Nubia
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Noocyada
في إقليم النوبة عدة مصادر للخامات المعدنية؛ هي الكاولين والتلك والرخام والجبس والجرانيت والحديد، وربما كان أهمها الآن خام الحديد الذي اكتشف في شرق منطقة دهميت بكميات صالحة لإقامة صناعة استخراجية، وليس من المتوقع إقامة صناعات كثيرة وبحجم كبير في النوبة القديمة، باستثناء صناعة الزجاج والسيراميك قرب السد العالي لتوافر الخامات والطاقة.
الأكثر توقعا هو إقامة عدد من ورش الإصلاح لمحركات السفن أو ميكانيكا السيارات، وورش نجارة وترسانة صغيرة للقوارب، وورش أخرى لإصلاح الأدوات الكهربائية والإلكترونية ... إلخ، وكذلك نتوقع تشجيعا للصناعات الجلدية والصناعات الريفية التقليدية والمبتكرة. (7) ختام الختام
النوبة: التعمير والسيادة الوطنية
12
من منطلق السيادة الوطنية على أرض الوطن، ومن منطلق دعوة رئيس الجمهورية للاهتمام بالنوبة، ومن منطلق حرية ما تفعله الدولة على أراضيها من تنمية وإعمار، ومن منطلق عواطف الحنين لدى النوبيين للعودة إلى إقليمهم ، ومن كافة المنطلقات الاستراتيجية والأمنية والتنموية من أجل الرفاهة؛ أكتب هذه الأسطر من أجل إعادة الحياة إلى بلاد النوبة، التي كان مصير سكانها الهجرة ثلاث مرات خلال هذا القرن: الأولى والثانية إلى أراض مرتفعة بعد إنشاء سد أسوان 1902م وتعليته الكبرى 1933م، والثالثة الهجرة خارج النوبة تماما إلى حوض كوم أمبو شمالي أسوان بعد إنشاء السد العالي في الستينيات، وغرق كل النوبة القديمة تحت مياه بحيرة ناصر.
شعب النوبة الأصيل من حقه العودة إلى منطقة الديار القديمة، ولعل الجيل الذي عاش النوبة القديمة قد انتقل إلى السماء، ولكن يبقى الشعور بأن هذه هي النوبة، وإن امتدت بعرض بحيرة ناصر: هي الأرض التي تتداخل فيها كتل المياه العظيمة مع جبال الصوان والجرانيت والصخر النوبي، باختصار سمة النوبة من القدم إلى الآن هي الماء والجبل، يتركان فراغات كالجيوب الصغيرة، يشق فيها النوبي أسس حياة وحضارة مستديمة قليلة التغيير.
إلى متى تظل مساحة كبيرة من الوطن فارغة من السكان والسكن الدائم؟ إلى متى يحلم بعض النوبيين بالعودة إلى بلادهم؟ إلى متى نعيد صورة سيناء حينما كانت قاصرة على أعداد قليلة من البدو، محظورة على سكان بقية مصر إلا بإذن مسبق، فكان ما كان من الضعف الاستراتيجي والاقتصادي لسيناء عشرات السنين، وكان ما كان من اجتياحها المرة تلو المرة في الحروب الأخيرة؛ لأنه لا يوجد مرتكز شعبي يدعم الجبهة استراتيجيا وتكتيكيا؟! وقد تنبه المسئولون إلى ضرورة إعمار سيناء، وفعلا حدث إعمار ويحدث إعمار أشد كثافة كل يوم، ومشروعات التنمية تدرس وجدواها تبحث عن استثمار، والحكومة ضالعة بمشروع خارق للتنمية، أساسه شق قناة السلام لجلب مياه النيل من فرع دمياط من أجل زراعة نحو نصف مليون فدان.
فما بالنا بالنوبة؛ حيث الماء جاهز حاضر دون عناء شق قنوات وترع، الماء قريب المنال من كتلة بحيرة ناصر، وهناك أرض غنية التربة تكونت من فيض البحيرة وتراجعها تاركة غرينا خصبا. الأرض ليست كأرض سيناء الرملية أو السبخية، إنما هي أرض غرينية ذات سمك متفاوت، لكنه بكل المقاييس صالح للزراعة دون أن تعوقه نفاذية الرمال الشديدة وتسرب الماء، أو دون وجود ملوحة عالية تتسم بها تربة السبخات، والأرض النوبية الداخلية البعيدة عن مسطح التربة الفيضية صالحة لاستزراع أنواع خشنة من العشب والحشائش بواسطة الري بالرش، من أجل اتخاذها مراعي لحيوان البيئة من إبل وأغنام وماعز وأبقار تدرج وتهجن لتتعايش مع البيئة القاسية، إذن الأرض بأنواعها، بالإضافة إلى مصايد الأسماك، جاهزة لتنوع إنتاجي زراعي رعوي في مساحات معقولة، قد تبلغ عشرات الآلاف من الأفدنة في نواح متعددة، وخاصة حول أذرع البحيرة الضخمة في كلابشة والعلاقي وتوشكى ... إلخ.
هذا فضلا عن الثروة الأثرية التي تشكل ركيزة السياحة الحالية في النوبة، والتي يجب أن تتطور هي الأخرى إلى أشكال غير تقليدية من الجذب السياحي.
والإنسان هو العنصر الآخر في الإنتاج، وهو موجود بكثرة ووفرة، متمثلا في بعض النوبيين الذين يرغبون العودة، وعدد أكبر من أهل قنا وسوهاج الذين لهم دراية سابقة بالنوبة القديمة، ويشكلون قوة الصيد السمكي الحالي في بحيرة ناصر، وليس متوقعا إقامة مشروعات تهجير كثيرة في وقت واحد، بل المطلوب إقامة عدد قليل من المشروعات الصغيرة على أساس هجرة تطوعية، بحيث تكون هذه مشروعات رائدة يستفاد منها لتجنب بعض الأخطاء في المشروعات التالية، وليس من المستحسن البدء بالمشروعات الأولى بالكثير من الطبول، بل يكون كل شيء متواضعا في البداية؛ حتى لا يحس الناس بالهزيمة إذا ما جاءت النتائج الأولية على غير المتوقع.
Bog aan la aqoon