Safar Waqtiga Nubia
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Noocyada
5,18 مليمترات/ يوم في يناير.
10,31 مليمترات/ يوم في سبتمبر - قياسات 14 سنة.
ويوضح الشكل (
1-2 ) اختلاف درجات الحرارة القصوى والدنيا عند السد العالي، والرطوبة النسبية على مدار أشهر السنة - متوسط 14 سنة - ومنه يتضح تراكم درجات حرارة قصوى +40 مئوية خمسة أشهر متتالية - مايو-سبتمبر - مع انخفاض الرطوبة النسبية، وهو ما يؤدي إلى كمية كبيرة من التبخر اليومي. ولا شك أن كمية التبخر تزداد كلما ارتفع منسوب البحيرة فوق 170 مترا، وترامت مياهها على مساحة أكبر وعمق أقل، مما يساعد على التسخين الأكبر في المناطق الضحلة غالبا؛ لعدم وجود حركة تبادلية مع مياه الأعماق الباردة نسبيا في المناطق العميقة من البحيرة.
شكل 1-2: بحيرة ناصر، الحرارة القصوى والدنيا والرطوبة النسبية، متوسطات 14 سنة.
على أية حال يبرز سؤال لدى العقل الناقد: لماذا تختار منطقة هي أحر مناطق العالم - وبالتالي أكثرها بخرا - لإنشاء سد وتكوين مسطح بحيري واسع (+ 5000كم
2 ) من أجل تخزين مياه نحتاج إلى كل قطرة منها؟
وبطبيعة الحال فإن الإجابة طويلة ومتداخلة، ولكن أكثر عناصرها واقعية وموضوعية هي:
أولا:
إن أكبر تجميع لمياه فيضان النيل هي أي منطقة شمال التقاء نهر العطبرة بالنيل، وبالتالي تكون لدينا الفرصة للتحكم في مياه الروافد الحبشية في أحرج أوقات السنة، حين ينخفض الإيراد من المنابع الاستوائية، وتحتاج المحاصيل الصيفية إلى مقنناتها المطلوبة. ومن هنا كانت أي منطقة بين الشلال الأول في مصر والشلال الخامس في السودان، هي أصلح مناطق إقامة مشروع تخزيني كبير، وقد درس المتخصصون في هندسة المياه في مصر، في الأربعينيات والخمسينيات من هذا القرن، إقامة مثل هذا المشروع الذي أطلق عليه آنذاك «التخزين القرني»، واختيرت أماكن كان على رأسها موقع عند الشلال الرابع. لكن كل المنطقة المشار إليها، من جنوب أسوان إلى شمال عطبرة، هي منطقة شديدة الجفاف عالية الحرارة وعالية التبخر، وبذلك يستوي أن يقام مشروع التخزين في أي مكان من المنطقة، مع تفضيل المكان الذي يتميز بالحجم الأدنى من الخسائر في الممتلكات الزراعية والعمرانية التي ستغرق تحت مياه المشروع، وفي هذا كان التنافس واضحا بين منطقتين لأقل الخسائر؛ هما منطقة النوبة جنوب أسوان، ومنطقة المناصير والربطاب شرق الجندل الرابع في السودان. وبالمناسبة فإن التفكير في ضبط مياه النيل منذ أول القرن لم يكن قوميا بمعنى مصري أو سوداني ... إلخ، بل كان الهيدرولوجيون ينظرون إلى النهر ككل متكامل؛ لأنه كذلك، وسيظل كذلك من هنا للمستقبل.
Bog aan la aqoon