247

أو غير ذلك من الحوائج ولا يعرفون للدراهم قدرا وكانوا لذلك كنعمهم غفلا لم يدخل التجار بلدهم ولا صادرتهم العمال عن أموالهم إذ لا حكم لأحد من العمال عليهم إلا أشياء قليلة يؤدونها في بعض الأحيان لصاحب أو جيلة وأوجلة قرية كبيرة أو بلد عظيم لا يخلو من العلماء والصلحاء بقرب برقة تتسوقه الناس مع كل بلد وهو في حكم طرابلس لأن غير أن حكمه فيه ضعيف نفعنا الله بأهله.

وأما صاحب طرابلس فلم يكن له عليهم إذ ذاك حكم وأما الآن فهم تحت أيالته وفي أسر طاعته يؤدون الخراج ويدخل التجار من أهل طرابلس ومسراتة بلدهم لشراء الإبل والبقر والغنم والصوف والأدام فبذلك حصل لهم بعض الخبرة بقيم الأشياء ومقاديرها وعرفوا الدينار والدرهم وأما قبل ذلك فهم كالأنعام بل هم أضل سبيلا.

غريبة عرب هذا الجبل من أشد العرب كفرا ونفاقا لا يعلمون حدود ما أنزل الله على رسوله ليس عندهم من الدين إلا اسمه لا حرفة لهم بعد تنمية المواشي إلا النهب والغارة قل ما مر بهم ركب فسلم من انشاب الحرب بينهم وبينه بسبب غدرهم وفتكهم عن اشتغال الناس بالسوق معهم وقد وقع ذلك معهم مرارا قال وأغرب من ذلك أنهم لا يعرفون السرقة فيحترس الناس منهم نهارا خشية النهب والغارة وبالليل يبيت الناس رقودا مطمئنين لا تسرق لهم حاجة وما ذاك والله اعلم إلا لانقطاعهم عن العمران وتوحشهم والسرقة في الغالب إنما تعهد حيث يكثر العمران وتجتمع أجناس من الناس وتعمر أسواق ويوجد بيع وشراء.

وأما هؤلاء فأعداؤهم بعيدون منهم لا يقدرون منهم إلا على الغارة المرة بعد المرة وفيما بينهم يامن بعضهم بعضا فالقوا ذلك نوادر هذا الجبل في رخاء الأدام وغفلة أهله عن قيمته وكثرة خصبه وبيعهم لبناتهم وأخواتهم وغير ذلك أشهر من

Bogga 270