240

اصطلحا بعد العداوة البينة وطلبوا منها النزول للتسوق فامتنع (1) الحجاج استعجالا وفي ذلك الموضع تلاقينا مع الركب الفاسي والفيلالي مغربين ووقفنا مع أميرهما ساعة زمانية استخبارا عن مصر وأرض الحجاز وأنهم طلبوا منا النزول والمبيت جميعا لقضاء كل ما أراد غير أن ركبنا لما رأى العرب نازلين هابوا منهم وجدوا في السير حتى فاتوا ولم يمكنا النزول فلما مكثنا معهم حينا افترق الكل على أسعد حال وأتمه وبقي سيدي محمد الشريف وأصحابه يطلب شراء الإبل إذ جماله ضعيفة فتأخر من غير علم منا ثم بعد قضاء حاجته جاء وراءنا ولم يلحق بنا إلا بعد النزول.

هذا وإن شيخ شيوخنا سيدي أحمد بن ناصر قال وفي قرب الزعفران رأينا سانية غزيرة الماء إلا أن ماءها ليس بذلك فسقى الناس إبلهم ودوابهم وملئوا أسقيتهم وهي أول عمالة سرت واكتفى الناس بما ملئوا منها عن ماء الزعفران لضيق الوقت وحيدودته عن الطريق لناحية البحر وهي أحساء في ساحل البحر ماؤها طيب وعليها كثبان من رمل أحمر تظهر من بعيد من وراء الكثبان من ناحية البر قصور سرت تخزن فيها الأعراب ميرتها أي أرزاقها وهي الآن خالية لا عمارة بها.

وبلاد سرت هذه من أخصب البلاد وأمراها أي أكثر أرزاقها ذات مزارع كثيرة بالبعل أي بلا سقي وإنما تسقى بالمطر وعربها أهل رفاهية إلا أن الجور أجلاهم من بلادهم وشتتت شملهم ولا يكاد أمرهم ينتظم ولهم جدار وعقار كثيرة بساحل أحمد ثم قصير الذبان بعد المغرب انتهى.

ثم ظعنا ونزلنا النعيم وماؤها حلو طيب أحلى ما يذاق وأرضه طيبة غير أن الظلم أخلى هذه المواطن لقوله صلى الله عليه وسلم لم يكن شيء أسرع بصاحبه

Bogga 263