237

من حين خرجنا من بلدنا إلا وصلاة الجماعة لم تفتنا في كل الأوقات ليلا ونهارا تقبل الله من جميعنا ذلك بمنه وكرمه آمين.

ونزلنا أبا كدية قبالة تورغا وهي بلدة عظيمة كثيرة النخل جدا وتمره أحسن من تمرها وطن طرابلس كلها وفي هذا الموضع ماء قبيح لا يشرب وأن أبا كدية هذا معلوم خبث مائه (1) وتورغا هذه بلدة عظيمة كثيرة النخل.

قال سيدي أحمد بن ناصر ما نصه تورغا وهي بلدة منقطعة أول برقة وفيها نخيل كثير وتمرها أطيب من تمر غيرها من بلاد الساحل وأجود منه وإن كان على وصفه من عدم اذخاره إلا بإزالة النوى وطيبه والله اعلم لبعده شيئا ما عن البحر ورطوبته ودخوله قليلا إلى الصحراء حيث تكاد اليبوسة تستولي على أبدان الحيوانات فضلا عن النبات قاله الشيخ أبو سالم في رحلته.

وماء هذه البلدة غزير في وسط السبخة وهم ساكنون في الأخصاص ولا يبنون بالطين إلا مواضع الخزين يبنونها بالطين والأحجار يحفرون عليها فيستخرجونها بنحت الأرض وهي أحجار سود وبناؤهم لا يكاد ينهدم وهي واسعة جدا لا يقدر الإنسان أن يحيط بها في يوم واحد وعينهم غزيرة تسع ألف ساقية فيما ذكروا ولا يحرثون حرثا ولا يغرسون غرسا إلا النخل فقط وخراجهم للأتراك كل عام ثلاثمائة وصيف وخمسة آلاف ريال وهذا العدد الأخير أحد ثوه ولم يكن قبل عليهم وهي إلى الخراب أقرب للعداوة المغراة بينهم لا تخلو من فتنة وقت الخريف مع تداول الأتراك والأعراب عليهم انتهى إلى أن قال قال سيدي العياشي وهي سبخة مستطيلة وعلى جوانبها بناء وقصور خالية وفيها نخل متفرق وكأنه رءوس الشياطين لا ترى

Bogga 260