إلى قابس فخرج إليه أهلها وطلبوا منه الأمان وكانوا قبل ذلك يتحصنون ويتمنعون من كل من مر بهم وترك عامله عليهم وقاطعهم على مال معلوم واستطال طريق القيروان فمال إلى قصور قفصة فنزلها وأهدى إليه ملوكها وملوك قفصة وقسطيلية ونفزاوة وبعثوا إليه يستغيثون من الكاهنة فسره ذلك وبلغ الكاهنة قدومه فرحلت من جبل أوراس تريده في خلق عظيم فلما كان الليل دعت أبنيها وأخبرتهما أنها مقتولة وكأنها تنظر إلى رأسها يركض به فرسان إلى ناحية المشرق وكأنها ترى رأسها بين يدي ملك العرب الذي بعث بهذا الرجل فقال لها خالد فإذا كان هكذا فارحلي بنا وخلي لهم عن البلاد وأشار عليها أولادها بمثل ذلك فقالت كيف أفر وأنا ملكة والملوك لا تفر وأورث قومي عارا فقالوا لها إنما تخافين على قومك فقالت إذا أنا مت فلا أبقى الله منهم أحدا فقال لها أبناها وخالد فما نحن صانعون فقالت أما أنت يا خالد فستدرك ملكا عظيما عند الملك الأعظم وأما أولادي فسيدركون سلطانا عند هذا الرجل ويعقد لهم على البربر ثم أمرتهم أن يركبوا ويستأمنوا إليه فركبوا وتوجهوا إلى حسان فاعلمه خالد بقولها وأنها مقتولة وبوصول ولديها فأمر بحفظهما وأمر خالدا على أعنة الخيل ثم خرجت الكاهنة ناشرة شعرها تقول انظروا ما دهاكم انظروا لأنفسكم فإنها مقتولة والتحمت الحرب واشتد القتال واستحر القتل في الفريقين حتى ظن الناس أنه الفناء ثم انهزمت الكاهنة وتبعها حسان حتى قتلها وقطع رأسها عند بئر يعرف ببئر الكاهنة وولى حسان الأكبر من ولدي الكاهنة على جماعة من البربر ثم أن البربر استأمنوا إلى حسان فلم يقبل إلا أن يعطوا من قبائلهم اثني عشر ألفا يكونون مع العرب مجاهدين فأجابوا وأسلموا على يديه فعقد لكل واحد من ولدي الكاهنة على ستة آلاف وأخرجهم مع العرب يجاهدون في سبيل الله عز وجل بأفريقية ويقتلون الكفرة من الروم والبربر والنصارى (1) وانصرف حسان
Bogga 134