ذلك زهير تبعهم وأقبل كسيلة بجنوده فلما قرب من القيروان خرج العرب منها هاربين لم يكن لهم بقتاله طاقة لعظم ما كان معه من البربر والروم فأسلموا لهم القيروان لم يبق فيها إلا الذراري والأثقال والضعفاء فأرسلوا إلى كسيلة يطلبون منه الأمان فأمنهم وأقبل كسيلة حتى دخل القيروان في محرم سنة أربع وستين وأقام زهير مرابطا ببرقة إلى أن توفي يزيد بن معاوية في النصف من صفر من عام أربعة وستين وبويع لأبنه معاوية الأصغر بعده ثم توفي معاوية بعد شهر (1) وعشرة أيام من بيعته واجتمع الناس بالشام على مروان بن الحكم وتوفي في رمضان سنة خمس وستين وولي بعده ابنه عبد الملك بن مروان فلما اشتد سلطانه اجتمع أكابر المسلمين وسألوه أن ينظر في خبر أفريقية وتخليصها ومن بها من المسلمين من يد كسيلة فقال لهم لا يصلح لدم عقبة إلا مثله في الدين فاتفق رأيهم على زهير بن قيس البلوي وقالوا هذا صاحب عقبة وأعرف الناس بسيرتهم وأولادهم بمطالبة دمه فوجه إليه عبد الملك يأمره بالخروج إلى أفريقية ليستنقذ من بالقيروان من المسلمين فكتب إليه زهير يعرفه بأمر كسيلة ومن معهم من جموع البربر فحشد له وجوه العرب وأهل الشام وبعث إليه بالأموال فلما ترادفت عليه الجنود أقبل في عسكر عظيم إلى أفريقية وذلك في سنة تسع وستين فلما بلغ كسيلة قدوم زهير دعا أشراف قومه فقال إني رأيت أن أرحل عن هذه المدينة حوطة على أهلها من المسلمين فإن لهم عهدا وخشيت أن يكون النصر مع المسلمين (2) ولا كنا ننزل ممس (3) على ماء كثير يحلم عساكرنا فان هزمناهم اتبعناهم إلى طرابلس وقطعنا أثرهم وتكون لنا أفريقية إلى آخر الدهر وإن هزمونا كان الجبل منا قريبا نتحصن به فارتحل عنها نزل ممس وبلغ
Bogga 129