الفرسان بحساب النوبة للحرس ولما رأيت ذلك قلنا نخرج من البريجة ونجلس بين البساتين ونستخفي فيه إلى الليل ، ونذهب إلى مدينة أزمور هي للمسلمين على ثلاثة فراسخ من البريجة ، وقلت لصاحبي إذا قدر الله علينا أن النصارى يتصلون بنا فواحد منا يستعمل نفسه أن الجن أصرعه ويخرج من فمه بحديد شيئا من الدم لعلنا ننجو إن شاء الله بذلك الكيد.
فخرجنا إلى بين البساتين واختفينا هناك ثم أن صاحبي مشى إلى بستان قريب من الموضع الذي كنا فيه وبقي هنالك إلى قبل غروب الشمس بقليل ، وأنا في أشد تغيير ، والفرسان تأتي إلى البلد ، ثم جاء صاحبي ، قلت له : ما السبب حتى قعدت إلى هذه الساعة؟ قال : كنت أتكلم مع صاحب بستان حتى عزم على الخروج منه ، جئت من عنده ، فبينما كنت بالغيظ أدبر كيف العمل إذ سمعت البواب يزمور مزمارا له ينادي الناس قبل سد الباب ، فاشتغلت أقرأ سورة (يس) و (الزمر) في زيادة. قلت لصاحبي : هذا الزمر هو علينا ، قال لي : اعمل حيلة الاصراع ، لأن الناس جاءت إلينا قلت له : لا أعمل ذلك مما كان عندي من الغيظ والتغيير عليه ، قال : أنا أعمل ، قلت : افعل وأنا أتكلم عليك معهم. فأخرج شيئا من الدم ، ورمى بنفسه في الأرض ، فخرجت إلى جهة الرجال وأنا أشير إليهم أن يأتوا إلي ، فلما وصلوا قالوا : ما السبب في جلوسكم إلى هذه الساعة والبواب ينادي عليكم ، أما تخاف من المسلمين أن يأخذوكم أسارى؟ قلت في نفسي : ما نفتش إلا هم ، قلت لهم : بعثت صاحبي يشتري خيارا ، ولما تعطل جئت في طلبه حتى وجدته في هذه الحالة ، ما استطعت حمله وحدي لأنه يضطرب في الأرض ، فوصلوا إلى ناحيته ورأوه بالدم في وجهه وعنقه وهو يضطرب بيديه ، قالوا : هذا يموت. وكان من الذين جاءوا صاحب البستان الذي كان معه صاحبي في الكلام ، ووصل الخبر للقبطان بأمرنا ، وظنوا وقالوا : إننا هاربون إلى المسلمين ، وأمر أن ينظروا هل الحصان في الدار؟ قالوا : هو فيه وحوائجهم أيضا ، قال : لو كان يهربان لم يتركا الحصان ، وهذا أمر نزل بهما ، والتمت جميع الناس بحضرة القبطان ، والرجال الذين كانوا عندنا قالوا : إن هذا يموت ، واتفقوا أن يمشي واحد منهم ينادي القسيس ليثبته ويستقرره من الذنوب ليمشي مغفورا منه إلى الجنة ، فمشى واحد وأعلم القبطان بالأمر ، فجاء القسيس وهو على
Bogga 42