295

Safarkii Ibn Battuta

رحلة ابن بطوطة

Daabacaha

دار الشرق العربي

عددهم واشتدت شوكتهم وهابهم الناس وضربوا على مدينة بيهق فملكوها ثم ملكوا سواها من المدن واكتسبوا الأموال وجندوا الجنود وركبوا الخيل وتسمى مسعود بالسلطان وصار العبيد يفرون عن مواليهم إليه فكل عبد فرّ منهم يعطيه الفرس والمال وإن ظهرت له شجاعة أمره على جماعة فعظم جيشه واستفحل أمره وتمذهب جميعهم بمذهب الرفض وطمحوا إلى استئصال أهل السنة بخراسان وأن يجعلوها كلمة واحدة رافضية وكان بمشهد طوس شيخ من الرافضة يسمى بحسن وهو عندهم من الصلحاء فوافقهم على ذلك وسموه بالخليفة وأمرهم بالعدل فأظهروه حتى كانت الدراهم والدنانير تسقط في معسكرهم فلا يلتقطها أحد حتى يأتي ربها فيأخذها وغلبوا على نيسابور وبعث إليهم السلطان طغيتمور بالعساكر فهزموه ثم بعث إليهم نائبه أرغون شاه فهزموه وأسروه ومنوا عليه ثم غزاهم طغيتمور بنفسه في خمسين ألفًا من التتر فهزموه وملكوا البلاد وتغلبوا على سرخس والزواة وطوس وهي من أعظم بلاد خراسان وجعلوا خليفتهم بمشهد علي بن موسى الرضى وتغلبوا على مدينة الجام ونزلوا بخارجها وهم قاصدون مدينة هراة وبينها وبينهم مسيرة ست فلما بلغ ذلك الملك حسينًا جمع الأمراء والعساكر وأهل المدينة واستشارهم هل يقيمون حتى يأتي القوم أو يمضوا إليهم فيناجزونهم فوقع إجماعهم على الخروج إليهم وهم قبيلة واحدة يسمون الغورية ويقال إنهم منسوبون إلى غور الشام وأن أصلهم منه فتجهزوا أجمعين واجتمعوا من أطراف البلاد وهم ساكنون بالقرى وبصحراء مرغيس "بدغيس" وهي مسيرة أربع لا يزال عشبها أخضر ترعى منه ماشيتهم وخيلهم وأكثر شجرها الفستق ومنها يحمل إلى أرض العراق وعضدهم أهل مدينة سمنان ونفروا جميعا إلى الرافضة وهم مائة وعشون ألفًا ما بين رجالة وفرسان ويقودهم الملك حسين. واجتمعت الرافضة في مائة وخمسين ألفًا من الفرسان وكانت الملاقاة بصحراء بوشنج وصبر الفريقان معًا ثم كانت الدائرة على الرافضة وفر سلطانهم مسعود وثبت خليفتهم حسن في عشرين ألفًا حتى قُتل وقتل أكثرهم وأسر منهم نحو أربعة آلاف. وذكر لي بعض من حضر هذه الوقعة أن ابتداء القتال كان في وقت الضحى وكانت الهزيمة عند الزوال ونزل الملك حسين بعد الظهر فصلّى وأتى بالطعام فكان هو وكبراء أصحابه يأكلون وسائرهم يضربون أعناق الأسرى. وعاد إلى حضرته بعد هذا الفتح

1 / 297